الأب/ بولس جرس بيت على الصخرة
بيت على الصخرة
كانَ مؤَسَّساً علَى الصَّخرِ
تأمل في قراءات اليوم االسابع من مارس 2014 الموافق الحادى عشر شهر برمهات1730
نص الإنجيل
نص التأمل
تأملنا لمرات عديدة نص هذا الإنجيل الرائع وكما تعودنا فكلمة الله متجددة مهما تكررت، تعالوا نتامل ماذا تقول لنا اليوم خلال السبوع الول من الصوم المبارك
“كُلُّ مَنْ يأتي إلَيَّ ويَسمَعُ كلامي ويَعمَلُ بهِ أُريكُمْ مَنْ يُشبِهُ. يُشبِهُ إنسانًا بَنَى بَيتًا، وحَفَرَ وعَمَّقَ ووَضَعَ الأساسَ علَى الصَّخرِ. فلَمّا حَدَثَ سيلٌ صَدَمَ النَّهرُ ذلكَ البَيتَ، فلم يَقدِرْ أنْ يُزَعزِعَهُ، لأنَّهُ كانَ مؤَسَّسًا علَى الصَّخرِ. وأمّا الذي يَسمَعُ ولا يَعمَلُ، فيُشبِهُ إنسانًا بَنَى بَيتَهُ علَى الرمال مِنْ دونِ أساسٍ، فصَدَمَهُ النَّهرُ فسَقَطَ حالاً، وكانَ خَرابُ ذلكَ البَيتِ عظيمًا!” .
استوقفتني هذا الصباح تلك العبارة أو بالأحرى هذا المثل، فالرب يقسم اتباعه ومستمعيه إلى قسمين
– إنسانا بنى بيتاً : – فحفر- وعمق-ووضع الأساس- على الصخر
– إنسانا بنى بيتاً: – على الرمال- من دون اساس…
يا للهول نلاحظ عدد الكلمات والأفعال في العملية سنجد اختلافا رهيبا:
فكلاهما بنى بيتا لكن الاول:
حــــــــفر: عملية شاقة عسيرة متعبة لا تتوقف على السطحيات لكنها تتجه دوما إلى العمق
وعمـــــــــــــــــق: لم يكتف بمجرد الحفر لكنه واضاف مجهودا ووقتا وطاقة وازاد اجتهادا ليتعمق
ووضع الأساس: العمليتان الاوليان مجرد تقديم للعملية الجوهرية مما يتوقف عليه مصير البنيان
على الصخــــر: إشارة إلى ان هذا البنيان يهدف إلى البقاء و الاستمرار والديمومة
اما الثـــاني:
فبسيط امره -بِيِّن عمله- سريع نجاحه- وفير انتاجه- خداع مظهره-
وهو سهل، سلس، وسباق دوما في الوصول إلى النتائج وتحقيق الأهداف…
ولا أكشف لك سرا إذا قلتُ أنك إذا تصفحت الإنجيل كله ستكتشف نفس الحوار ونفس المنطق وستصل إلى نفس النتيجة مهما اختلفت التشبيهات وتعددت الصور والاشخاص فهناك:
الباب الضيق والطريق الوعر امام الباب الواسع والطريق السهل
الشجرة الصالحة التي تثمر والشجرة الفاسدة التي لا تثمر
الأرض الخصبة التي تتعب وتبذل وتموت لتثمر والأرض المحجرة التي تثمر لكن سرعان ما ييبس
العبد الصالح الامين الذي يجد ويكدح ليكسب عدد وزنات سيده والعبد البطال
العبد الصالح الامين الذي يسهر ويستعدمنتظرا والعبد المهمل الذي يعربد ويسكر
الراعي الصالح الذي يتعب ويسهر ويقود ويحمي ويبذل والأجير الذي….
لا ابالغ إذا متى قلت ان الإنجيل كله يتمحور ويدور حول هذا القياس:
من السهل والميسور في العالم عامة، وفي عالم اليوم بصفة خاصة: ان تخدع الناس جميعا بل حتى ان تخدع نفسك،
أن تظهر امام الآخرين سامقا عاليا شامخا،
ان تنجح وتتالق وتصل إلى الطوابق والدرجات العليا،
ان ينظر إليك العالم باندهاش وتعجب وإعجاب ،
ان تتانق وتتالق امام عدسات الكاميرات وشاشات الفضائيات،
ان تزعق في الميكروفونات وتشهق، بل حتى ان تدمع وتغرورق،
ان تلبس صورة التقوى وتتحلى بمظاهر الدين وما انت في الواقع سوى ذئب خاطف
ان تبدو امام العالم قلعة شماء او صخرة صماء بينما انت هش سريع الإنكسار
لكن حينما تاتي ساعة الحسم وهي حتما آتية على الأبرار والأشرار فالسيول والعواصف والرياح قادمة بلا ريب وهي خير اختبار..
عندها سيظهر من ينخر السوس جذوره وتأكل العتّة اصوله
عندها سيذوب الطلاء عن الوجوه فيظهر شحوبها وبهتانها
عندها ستسقط الأقنعة عن الشخوص فيعرف الذئب عن الحمل
عندها ستنكشف النوايا فيعرف الأجير من الراعي
عندها ستنسحب الرمال من اسفل فتنهار قصور زائفة شيدت فأبهرت لكن سرعان ما زالت
عندها سيكون الإنهيار مريعاً والصراخ عاليا
عندها سيكون البكاء وصرير الأسنان
عندها لن يدركك احد ولن يستطيع إنقاذك،
عندها لن تلومن إلا نفسك…