الأب/ بولس جرس عِندَ اللهِ كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ
تأمل في قراءات الخميس 6 مارس 2014 الموافق العاشر من شهر برمهات1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“وإذا واحِدٌ تقَدَّمَ وقالَ لهُ: أيُّها المُعَلِّمُ الصّالِحُ، أيَّ صَلاحٍ أعمَلُ لتكونَ ليَ الحياةُ الأبديَّةُ؟ فقالَ لهُ: لماذا تدعوني صالِحًا؟ ليس أحَدٌ صالِحًا إلا واحِدٌ وهو اللهُ. ولكن إنْ أرَدتَ أنْ تدخُلَ الحياةَ فاحفَظِ الوَصايا. قالَ لهُ: أيَّةَ الوَصايا؟. فقالَ يَسوعُ:”لا تقتُلْ. لا تزنِ. لا تسرِقْ. لا تشهَدْ بالزّورِ. أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ، وأحِبَّ قريبَكَ كنَفسِكَ، قالَ لهُ الشّابُّ:هذِهِ كُلُّها حَفِظتُها منذُ حَداثَتي. فماذا يُعوِزُني بَعدُ؟ قالَ لهُ يَسوعُ:”إنْ أرَدتَ أنْ تكونَ كامِلاً فاذهَبْ وبِعْ أملاكَكَ وأعطِ الفُقَراءَ، فيكونَ لكَ كنزٌ في السماءِ، وتعالَ اتبَعني. فلَمّا سمِعَ الشّابُّ الكلِمَةَ مَضَى حَزينًا، لأنَّهُ كانَ ذا أموالٍ كثيرَةٍ. فقالَ يَسوعُ لتلاميذِهِ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ يَعسُرُ أنْ يَدخُلَ غَنيٌّ إلَى ملكوتِ السماواتِ! وأقولُ لكُمْ أيضًا: إنَّ مُرورَ جَمَلٍ مِنْ ثَقبِ إبرَةٍ أيسَرُ مِنْ أنْ يَدخُلَ غَنيٌّ إلَى ملكوتِ اللهِ فلَمّا سمِعَ تلاميذُهُ بُهِتوا جِدًّا قائلينَ: إذًا مَنْ يستطيعُ أنْ يَخلُصَ؟. فنَظَرَ إليهِمْ يَسوعُ وقالَ لهُمْ: هذا عِندَ الناسِ غَيرُ مُستَطاعٍ، ولكن عِندَ اللهِ كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ. فأجابَ بُطرُسُ حينَئذٍ وقالَ لهُ: ها نَحنُ قد ترَكنا كُلَّ شَيءٍ وتبِعناكَ. فماذا يكونُ لنا؟. فقالَ لهُمْ يَسوعُ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّكُمْ أنتُمُ الذينَ تبِعتُموني، في التَّجديدِ، مَتَى جَلَسَ ابنُ الإنسانِ علَى كُرسيِّ مَجدِهِ، تجلِسونَ أنتُمْ أيضًا علَى اثنَيْ عشَرَ كُرسيًّا تدينونَ أسباطَ إسرائيلَ الِاثنَيْ عشَرَ. وكُلُّ مَنْ ترَكَ بُيوتًا أو إخوَةً أو أخَواتٍ أو أبًا أو أُمًّا أو امرأةً أو أولادًا أو حُقولاً مِنْ أجلِ اسمي، يأخُذُ مِئَةَ ضِعفٍ ويَرِثُ الحياةَ الأبديَّةَ. ولكن كثيرونَ أوَّلونَ يكونونَ آخِرينَ، وآخِرونَ أوَّلينَ.”
نص التامل
ولكن…
عِندَ اللهِ كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ
تاملنا سابقا إنجيل الشاب الغني وشروط يسوع الصعبة لإتباعه
تاملنا ايضا دهشة التلاميذ اما شرط الفقر الإنجيلي كضرورة لإتباع يسوع
وفي تامل آخر تدارسنا مع بطرس مصير الذين تركوا كل شيء وتبعوا الرب
اليوم نتامل هذه الآية الرائعة “ولكن عِندَ اللهِ كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ”
على مدى الأيام وفي تاريخ الشعوب والعالم والكنيسة
أحداث ومواقف ووقائع تمت وكانت تبدو في زمانها مستحيلة
بل في واقعنا اليومي وحضارتنا الحديثة هناك اشياء نقوم بها اليوم بكل بساطة
وكانت تبدو لوقت قريب من المستحيلات: الكهرباء-الفاكس-التلفون-ال
ولا ابالغ إّذا قلت انه في حياة كل منا اشياء تمت بالفعل وقد كانت تبدو يوما مستحيلة
عد إلى طفولتك وشبابك او ما سبق من ايام عمرك وانظر نحو مسيرة حياتك
أين انت الان وبأي قوة وصلت إلى ما انت فيه وعليه اليوم
من صار بك إلى هنا ومن اوصلك إلى هذا الموقع
كم من عقبات وحدود اجتزت وكم من مصاعب وألآم احتملت وكنت تتصور نفسك غير قادر
كم من صلبان حملت وكم من اشخاص ساعدوك ل”وجه الله” وكم معجزات أوتيت
كم مرة امتدت يد فانتشلتك من خطر وانطلقت السنة لا تعرفها تدافع عنك
ووقف أناس لم يسبق لهم لقاؤك يمدون لك يد العون
قد يبدو الطريق طويلا غريبا حتى عليك وكأنك لم تجتزه بالفعل، لكنك قد عبرته
اذكر مخاوف اول ايام المدرسة-اول درجات الترم-اول امتحانات-النقل-اول الشهادات- اول يوم الجامعة – اول امتحان فيها- التخرج- البكالوريوس او الليسانس -البحث والرسالة …
اول مرة خفق قلبك بالحب نحو شخص من الجنس الاخر وكيف بدى اللقاء مستحيلا
وكيف كان الزواج حلما بعيد المنال وكيف لاحت الخطوات والايام بطيئة لا تنتهي
اذكر فترات مرضك او مرض احبائك، كيف كان الطريق شاقا وطويلا مؤلما وموجعا
كيف كنت تهرب من مجرد تصور فقدانهم واليوم وقد فقدتهم
ومضت السنون تجد نفسك تبتسم لهم بحنين حين تتذكرهم
وقد كانت الحياة لك بدونهم “مستحيلة” غير مستطاعة
أرأيت كم كانت يد الرب معك؟
أرأيت كم مرة تحقق المستحيل في حياتك؟
اتؤمن الآن انه ليس عند الله مستحيل؟
وانه حتى إذا وجد هذا المستحيل عند البشر جميعا
فحتما ستنال أنت بتوحدك ووحدتك مع الله القدرة
على ان تغلبليس المستحيل اليوم وحده بل كل مستحيلات الوجود…
اغمض الان عينيك وتذكر كم سار الرب معك وكم من المستحيلات إجتزت معه
إفحص جيدا المستقبل أمامك وإحص عدد مستحيلاتك وقدمها إليه
كن مؤمنا وثق انك معه ستتجاوزها جميعا
آمن فقط كي لا تمضي حزينا كذاك الشاب الغني الفقير
صاحب المستحيل…