الحرية الدينيّة: مفهومها اللاهوتي والفكري
الحرية الدينيّة: مفهومها اللاهوتي والفكري
ندوة في المركز الكاثوليكي للإعلام
عقدت ظهر الثلاثاء ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : ” الحرية الدينيّة: مفهومها اللاهوتي والفكري” من الرسالة البابوية ليوم السلام العالمي 2011، وتوصيات سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط، برئاسة رئيس اللجنة، المطران بشارة الراعي، شارك فيها: سماحة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، عميد كلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف، الأب سليم دكاش اليسوعي، الدكتور حسن حمادة ، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، وحضرها: أمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، والمسئول عن الفرع السمعي البصري في اللجنة، الاب سامي بو شلهوب ، ومدير عام نورسات الفضائية، الأستاذ ريمون ناضر، ورئيس رابطة آل عدرة في لبنان، فضيلة الشيخ نجيب عدره، والسفير السابق فؤاد عون وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين، قدّم لها المحامي وليد غياض.
كلمة المحامي وليد غياض:
“الحرية الدينية، طريق نحو السلام “، عنوان اختاره قداسة البابا بندكتوس السادس لرسالة يوم السلام العالمي 2011. لا شك في أن هذه الرسالة النبويّة تأتي في زمن يحجب فيه السلام، خاصة عن منطقة الشرق الأوسط، وفي وقت نرى فيه أن عشّاق العنف والإرهاب والحرب يعبثون بأمن الآمنين وقد اصبح الدّم فيه عنواناً لأحداثنا وأخبارنا اليومية. ومع قناعتنا التامة بأن المخططات الجهنمية الخارجية ومصالح الدول الكبرى تفعل فعلها في أمننا، إنما لا يقنعنا أن ما يجري من استهداف للمسيحيين ومن اضطهاد مبرمج ولو مبطّن لا يعود لأسباب محلية داخلية تبدأ من التحريض ولا تنتهي إلا بهدر دمائهم. وإذا استشرفنا حلاً لهذه الظاهرة الأليمة قد نقول إن الحرية الدينية هي الطريق نحو السلام.
كلمة ترحيبية للمطران بشارة الراعي بالمنتدين والحضور جاء فيها:
ندوتنا اليوم حول مضمون رسالة قداسة البابا بنديكتس السادس عشر ليوم السلام العالمي 1 يناير 2011، “الحرية الدينية، طريق نحو السلام” ، الحرية الدينية متأصلة في عمق طبيعة الإنسان الذي في باطنة رغبة للبحث عن الحقيقة المنفتحة على المطلق، حقيقة ذاته، فالحقيقة تجمع وتوّحد وتحتمكنه العيش بسلام.
وأضاف الراعي: “الحرية الدينية ليست معطاة من الدولة فهي معطاة من الله ومتأصلة في عمق الطبيعة البشرية وعلى الدولة حمايتها. والمأساة الكبيرة عندما يقطع الإنسان علاقته مع الله كما هي الحال “العلمانويّة” الأمر الذي يهدد السلام الاجتماعي، أما معرفة الحقيقة تنير كل نشاطات البشر الثقافية والإنمائية والاجتماعية.
ثم كانت مداخلة الأب سليم دكاش عن الحرية الدينية في منظور المسيحية جاء فيها:
إن المرجع الكنسي الأساسي الذي نعتمده اليوم في موضوع الحرية الدينية هو البيان في «الحرية الدينية» الذي ناقشه المجمع الفاتيكاني الثاني مسودته خلال تاريخ طويل بدأ في 27 كانون الأول 1960 وانتهى بالتصويت عليه إثر مناقشة عامة دامت سبعة أيام في 22 أيلول 1965.
ومن مبادئ البيان النقاط التالية:
– المقصود بالحرية الدينية هو ذلك الحقّ الطبيعي العام الذي يقرّه الشرع المدني فيُبعد كل ضغط عن الإنسان في الشؤون الدينية. وهناك علاقة وثيقة بين الحرية والبحث عن الحقيقة التي يعتنقها وتشبع قلب الإنسان ووجوده.
– ترتكز هذا الحرية على كرامة الشخص البشري، فاستناداً إلى هذه الكرامة يحق للإنسان أَن يعمل وفقاً لما يقرره ويتحمل مسؤوليته لاسيّما في الشؤون الدينية.
– يؤكد النصّ أن الحرية الدينية ليست منّة من أحد بل هي حقّ جوهري من حقوق الإنسان فتعترف به الشريعة المدنية سواء كان للفرد أم للجماعة وهو ينفي الإكراه لأنه مناقض للحرية الموّطدة على كرامة الإنسان حسبما يقرّ الوحي والعقل. ويطلب النص من المفكرين المسيحيين التوسع بهذه المبادئ خصوصاً عندما تلَّمح إلى علاقة الزمني بالمدني حيث ان هذا الأخير لا يستطيع أن يكون متفرجاً لأن العمل من أجل الخير العام يتطلّب الانفتاح الروحي.
– إن ممارسة الديانة بحرية على صعيد الأفراد والجماعات حقٌ منبثق من إلزام الضمير، لأن الله يدعو كل إنسان وعلى الإنسان أن يجيب بحرية إذ يطيع من يمليه عليه الضمير.
– إن البيان طالب لا بحرية الأفراد بل بحرية الجماعات لاسيّما الكاثوليكية منها لأن السيد المسيح كلّفها بنشر الحقيقة. والكنيسة الكاثوليكية لا تطلب الشيء لنفسها فحسب بل للجماعات الأخرى حتى اللادينية لأن الحرية حقّ من حقوق الجميع.
– أمّا أساس الحرية الدينية في نظر الوثيقة فهو يقوم على ركيزتين: إن كرامة الكائن البشري ليست صفة فطرية وحسب حتى ولو ان احترام الكرامة هو حقّ طبيعي. إننا نرى في تاريخ البشر إن الإنسان قد وعى واقعه وكرامته بالتدرج، والكرامة هي ثمرة الخبرة عبر التاريخ إن الركيزة الثانية فهي العصمة عن كل إكراه.
– حرية الجماعة الدينية تعني أن تكون لها السيادة الذاتية في تنظيمها والاتصال بجماعات دينية أخرى أكانت من الداخل أم من الخارج، وهذا ما تسميه الوثيقة مبدأ الحضارة.
وكذلك، وبما أن أسمى قاعدة لحياة الإنسان هي الشريعة الإلهية، وبما أن الله نفسه جعل الإنسان شريكاً في شريعته، فعلى الإنسان أن يجد في معرفة الشريعة والتقرّب أكثر فأكثر إلى الحقيقة. إلاّ أن الشريعة نفسها تطلب من المؤمن ممارسة دينية والسعي إلى الحقيقة بطريقة تتناسب وكرامة الشخص البشري وطبيعته الاجتماعية، أي ببحث حرّ عن طريق التعليم والتربية والحوار.
وكذلك إن السلطات المدنية مدعوة أن تدافع عن حقوق الإنسان التي لا تمس والتي عليها أن تشجعها حيث عليها أن تلعب دور المحامي عن حرية المواطنين، لا بالخطاب النظري فقط، بل عبر التشريع القانوني وتوفير الظروف المواكبة حتى يتمكن المؤمنون من ممارسة حقوقهم فعلياً وإيجابياً ومن دون خوف، وهنا الممارسة من شأنها إفاضة خيور العدل والسلام على المجتمع ككل. وعلى هذه السلطات أن تعمل على تربية النشء على احترام الأديان وعدم واحتقارها، حتى ولو رفضها البعض.
والكنيسة اليوم كما بالأمس، أي منذ خمسة وأربعين سنة ونيّف تتمنى أن تعم الحرية الدينية كل الأنظمة السياسية مهما كان نوعها لأنها ضرورية وتسعى أيضا إلى الدخول في حوار حقيقي مع باقي الديانات لترسيخ مبادئ الاحترام المتبادل بينها، لأن العالم بتعددياته الاجتماعية والدينية والثقافية عليه على مستوى المجتمعات والمواطنين العمل أيضاً على نشر ثقافة هذا الاحترام.
ثم كانت مداخلة سماحة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان جاء فيها:
أوَّلاً: الحريَّة الدينيَّة، هي فعل اعتقادي قلبي، قبل كلِّ شيئ، لذا فإنَّ القرآن الكريم صرَّحَ بـمنع الإكراه في الإيمان، لأنَّهُ لا يُحقِّق هذا المعنى، فقال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ{2/256}، وهو مبدأ مركزي في الفكر الاعتقادي،
ثانياً: لا تعني الحريَّة الدينيَّة في الإسلام، أنَّ الفردَ حرٌّ مطلقاً في تَبَنِّي أيّ قيمية دينيَّة، أو حتى ترك القيمية الدينيَّة، لأنّنا أثبتنا بإجماع العقل الفكري والفقهي والفلسفي والأخلاقي، الذي يُؤكِّد طابع الإجماع الإنساني، أنَّ ما له دخلٌ في ضمان المصالح الوجوديَّة، بحيث لو تخلَّفَ تخلَّفت معه المصالح الضَّروريَّة في كمالات الإنسان، لا يجوز التفريط بهِ، وعلى الفرد والصيغة الاجتماعية، والفقه السياسي أنْ يدورُ مدار ضمانات الذات الإنسانيَّة في شتَّى حريَّاتِها وحقوقِها، وإلا فهو ليس خادماً للمطالب الوجوديَّة، ما يسقط قيمته الضامنة ويمنع احترامه كصيغة ذات بُعد بشري، وعن هذا المعنى المغروس بالذات الإنسانيَّة قال تعالى: {أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ{30/30}،
ثالثاً: مشروعيَّة القيمة الدِّينيَّة، تنبعُ مِن كونِها ضرورةً هادية، مِن هنا فإنَّ صفة إلزاميَّتِها، تدورُ مدار هذا النَّحو مِن الهداية الوجوديَّة، فتُقدَّم على غيرها. من الكمالات الإنسانيَّة فما أمَّن هذا المعنى تقدَّم وتصدَّر على غيرهِ،
ويلزم مِن هذه المبادئ التي تلوناها جملة مبادئ تُلزِم النوع الإنساني قبل المسلم وهي التالية:
1. إنَّ التزامَ الدِّين، موقوفٌ على إثبات القيمة الدينيّة مِن خدمة المصالح الوجوديَّة وضمانها، وهذا ما أكَّدته الدراسات المتخصِّصة في هذا الشّق،
2. تحديد النَّمط الديني، ضبْطَاً على القيمة الدينيَّة، أو الاختيار الدِّيني، موقوفٌ على موازين الحُجج والإثباتات المُقنِعَة لجانب هذا الدِّين أو ذاك، وهذا رأسُ الفهم المنطقي لضيق وسعة الحريَّة الدينيَّة بين الحصر والتعدُّد، وهو رأس المفهوم المشترك الذي يخاطب المسلم وغير المسلم.
وعن حريَّة المسلم، يجيب فقه الإسلام بالعناوين التالية:
1. القيمة الفكريَّة في الإسلام، هي رأس المطالب، وعنوانُ الأدلَّةِ والحجج، مِن هنا، فإنَّ خطابات الله تعالى توجّهت للعقلاء لا لغيرهم، على اعتبار أنَّ الحجَّة وإثباتاتِها تدور مدار العقل وما يتَّصل بهِ، لإثبات القيم الضامنة في طول تحقيق أنماط التكامل الوجودي، كعنوان موقوفة على الدِّين كقيمة، ثمَّ على تشخيص أيَّ الدّيانات تتوافق مع هذا المطلب من الكمالات الوجوديَّة،
2. الحريَّةُ في الإسلام، بطنٌ مِن بطون الفقه الوجودي، لذا، فهي تدور مدارهُ سعةً وضيقاً، واختياراً وإلزاماً، وهذا مِن أعلى ما أرساهُ الإسلام، لذا، فإنَّ الدِّين الإسلامي الذي يُقَدِّم طائفةً هائلةً مِن الإجابات الوجوديَّة، ويحثُّ الإنسانَ على معرفة: مِن أين وفي أين وإلى أين، يُلزِمُ المسلم باتِّباعِهِ مِن بابِ الحجَّة قبلَ الإيمان، لا مِن بابِ الإكراهِ دونَ برهان.
3. الإسلام بخصوص الحريَّة الدّينيَّة، يُخاطبُ المسلم بـالموجب الدِّيني الأوَّلي، لا بصفتِهِ الإسلاميَّة، بل بصفتِهِ الإنسانيَّة، تأكيداً لهويَّة الذات وحقِّها في معرفة محلِّها مِن الوجود والموجود، وهذا أمر في غاية الأهميَّة، وعنوان مِن العناوين الملِّحَة بقوَّة وفق ضرورات البطاقة الوجوديَّة.
وأضاف: حريَّةُ المسلمِ في الإسلام، اعتقاداً والتزاماً، تدورُ مدارَ قانون الوجودِ، وضرورةِ العهود، وحقَّانيَّةِ المعبود، فإذا اتَّسعت، اتَّسعت معها الحريَّة، وإنْ ضاقت، فعليها تضيق الحريَّةُ ضماناً للشكل الكمالي المرصود عليها.
ثم كانت مداخلة الدكتور حسن حماده فقال:
أيتها الحرية… كم من الجرائم باسمكِ ترتكب.
أيها الدين … كم من الجرائم باسمكَ ترتكب.
إن مشكلة حرية المعتقد، سياسي كان أم ديني، أَم مذهبي، هي جزءٌ لا يتجزأ من إشكالية، الحريّة، داخل لبنان وفي المنطقة والشرق عموماً، وأفضّلْ الإشارة، فقط الإشارة، إلى سببها الداخلي، دون الحديث عمّا يخطط من الخارج، إذ لا حول لمخططات الخارج ما لم يكن هنالك حالة داخليّة توفر لها إدارة عملية تدمير بلادنا.
إن أساس المشكلة، تكمن في قلةِ الدين، وحلول التحزب مكانه، أي مكان الإيمان، فتصبح الطقوس هي المؤشر للهوية الدينية وليس السلوك القديم. ومن الأمور، وما أكثر الأمور، التي تثبت ذلك هو استعداد الذين يرفعون لواء الانتماء إلى مذهبٍ واحدٍ، وليس فقط إلى معتقدٍ دينيٍ واحد، استعدادهم إلى الفتك ببعضهم البعض حين تسمح الظروف بذلك، وهذه حالة تساوت فيها مختلف المشكلات البشرية في لبنان، بلا استثناء، ولا ضرورة لتسمية الأمور بأسمائها، فهي مع ذمه. مسكين الدين، مسكينة الطوائف والمذاهب.
ثمة مشكلة حقيقية هي مشكلة المعتقد الديني، فهو يتراجع أمام تقدّم الطقوس إنه يتراجع لصالح التخرّب المتوّتر، وله ثقافة الكراهية للآخر، الثقافة الدفينة، والدين منها براء، فعند ما يحضر الدين تندثر هذه الثقافة اللعينة. ثقافة الكذب. الكذب قاعدة الوحدة الوطنية.
وأعطى الدكتور حمادة مثلاً عن كلام قداسة البابا بنديكتس السادس عشر عند حادثة كنيسة القديسين في الإسكندرية (قامت القيامة) حيث ناشد البابا المسئولين حماية المسيحيين في هذا الشرق وتمنى حمادة على الجميع اعتماد النصوص الأساسية لا إلى ما تقوله وكالات الأنباء. واستشهد بكلام قداسته في رسالة يوم السلام العالمي صفحة 18: “لا يمكن التغلب على العنف بالعنف. وليكن صراخ ألمنا مصحوباً دائماً بالإيمان والرجاء والشهادة لمحبة الله. أعرب أيضاً عن تمنياتي بان يوضع حد في الغرب، وبخاصة في أوروبا، للعدائية والأحكام المسبقة بحق المسيحيين الذين يريدون أن يعطوا حياتهم توجيهاً متناسقا! للقيم والمبادئ المعبّر عنها في الإنجيل. أتمنى أن تتعلم بالأحرى أوروبا أن تتصالح مع جذورها المسيحية… وبهذه الطريقة ستختبر أوروبا العدالة والوفاق والسلام من خلال حوار صادق مع جميع الشعوب”.
وقال: “إن الدين مظلومٌ، مظلومٌ، مظلومٌ، ولابدّ من إعادة الاعتبار إلى الشأن الديني، عند الجميع لبلا استثناء.
ورأى حماده إن الحوار الأساسي هو الذي يبدأ بالحوار ما بين الإنسان ودينه، أو بالأحرى بين الإنسان وما يدعيه هذا الإنسان أنه دين له. عندما يتصالح الإنسان مع دينه، لا يعود عنده مشكلة مع «الآخر»، أي المنتمي إلى دينٍ آخر، كما انه لا يعود يعاني من مشكلة مع من هو شريكٌ له في المعتقد الديني، بل والمذهبي.
كعلماني، أؤمن بالدولة المدنيّة، أدعو إلى وقف الإتجار بالدين من خلال العودة إلى الدين. ما لم تتوقف المتاجرة بالشؤون الوجودية، كافّة، وأولّها المعتقد، عبثاً الحديث عن الحريات، في هذا الشرق كما في غيره من بقاع الأرض، وأوّلها لبنان حيث بات من الضروري تحطيم المعتقلات المذهبية وتحريم الإتجار بالدين ليبقى لبنان.
واختتمت الندوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم جاء فيها:
الحرية الدينيّة عنوان ملازمٌ لكينونة لبنان، هذا البلد الصغير الذي سمّاه الراحل الكبير البابا يوحنا بولس الثاني، بلد الرسالة، فإن زالت أو تشوّهت ملامح هذه الحرية، لا يبقى معنىً لوجوده.
وقد عشنا في لبنان تجربةً قاسية عندما حاولنا المساس بالحريات الدينيّة، وقد تخطينا هذه التجربة إيماناً منّا أن الحرية الدينية هي ضمانة هذا الوطن، لا بل هي أساس الحريّات العامة، لأنها تهدف إلى الخير العام.
وأكثر ما يهمنا اليوم وفي ظل الأحداث التي نعيشها في منطقة الشرق الأوسط، وما يتعرض له المسيحيون من قتلٍ وتهجير، أن نحذّر من عدم استغلال الحرية الدينيّة لإخفاء مصالح خفية كالتعصب والأصولية مما يشوّه صورة الدين ويتسبب بأضرار كبيرة للمجتمعات التي تحضن عن قصد إو غير قصد من يتلطون خلف ستار الدين. لهذا من الواجب علينا مسلمين ومسيحيين أن نعزّز سبل الحوار بين مختلف الأديان في ما يخص النواحي الإنسانيّة والاجتماعية والقيم والمبادئ الأخلاقية التي تساهم في تعزيز كرامة الشخص البشري ونشر مبادئ السلام في مواجهة التطرف والعنف والإرهاب.
واختم لأقول أن الحرية الدينية في لبنان نعمةٌ خفيّة ونحن ملزمون بالمحافظة عليها والإفادة منها لترسيخ العيش الواحد في وطنٍ أراده الله أرضاً للحرية ومنطلقاً للرسالات السماوية، ألا قدّرنا الله على تحقيق هذه الرسالة.
عن موقع زينيت العالم من روما