إسمه “برنار” (برنارد) وهو اسم مكون من مقطعين ويعني “الشجاع الجسور“.
الميلاد والنشأة:
وُلِدَ برنار عام 1090م، بفونتين لي ديچون – شرق فرنسا، لأبٍ هو “تسكلان لي رو” لورد مدينة فونتين لي ديچون، وأمٍ هي “أليت دي مونبار” (القديسة أليت دي مونبار فيما بعد)، وكلاهما ينحدران لعائلتين نبيلتين من إقليم برجُندي الفرنسي.
كان ترتيب برنار الثالث من أصل سبعة أطفال (ست بنين وابنة واحدة). في الطفولة المبكرة تأثر برنار بتقوىَ والدته الذي أثَّر عليه طوال حياته، وبعمر التاسعة أُرسِل برنار إلى مدرسة شاتيلون- سور – سين، يُديرها كهنة إيبارشية سان ڤورل، تميَّز جداً في دراسة الآداب المختلفة وبشكل خاص الشِعر الذي كان يستهويه كثيراً فيجلس لقرائته وتذوقه لفترات حتى بعد انتهاء يومه الدراسي. كما كان تفوقه الدراسي يثير إعجاب أساتذته. وقد أراد أن يُمكنه تفوقه الأدبي من دراسة الكتاب المقدس.
كان شديد التعلُّق بشخصية مريم العذراء، لدرجة كتابته الكثير من التأملات عن حياتها وكان يدعوها دائماً “الملكة”. كما كان له خطوات توسعية فاقت معاصره “أنسيلم من كانتربري” (القديس أنسيلم فيما بعد) على طريق تحديث عملية نقل الطقوس المتعلقة بأسرار الكنيسة من العصور الأولى للمسيحية نحو العصور الأحدث. كما كان نهجه اللاهوتي هو التأمل أكثر من استخدام المنطق الفكري الذي تبنته بعض المدارس اللاهوتية، وذلك من أجل الإنطلاق مع الروح القدس نحو فهم اللاهوتيات بدلاً من بُطئ العقل البشري وتقيده بالحدود الفكرية.
بعمر التاسعة عشر فقد برنار والدته، وكان تأثره وحزنه الشديد لوفاتها، فرصة لمحاربات كثيرة كادت تُبعده عن طريق تكريس حياته لله بعد أن كان قد استقر على دعوته، لكن الصراع انتهىَ لصالح دعوة التكريس الرهباني.
بعمر الثانية والعشرين، قرَّر برنار الإلتحاق برهبنة السيسترسية، وهي رهبنة أسسها الأباتي “روبير دي موليم”(القديس روبير دي موليم فيما بعد) عام 1098م، بهدف إحياء الروحانية البندكتية والإلتزام بالقانون البندكتي بكل تفاصيله. وقد أسس أول دير له في إيبارشية سيتو التابعة لمسقط رأس برنار، فإلتحق به ولتقواه كان قد تأثر أكثر من 30 شاب من نبلاء برجُندي منهم أشقاء وأقارب له بدعوته وأكتشفوا أنهم أيضاً يُريدون الحياة النسكية الديرية.
رئيس دير (أباتي) كليرڤو:
نمت الجماعة الرهبانية الصغيرة التي أحيت القانون الرهباني البندكتي، وصار لها تأثير كبير على إصلاح وتجديد الحياة الديرية الغربية. وتطلَّب إزدياد عدد الرهبان بعد ثلاث سنوات إلى إرسال الأخ برنار مع إثني عشر راهباً آخر لإفتتاح دير آخر في ڤاليه دابستانت التابعة لإيبارشية لُنج، وأسماه دير كليرڤو، وتم افتتاحه 25 يونيو 1115م.
خلال غياب أسقف لُنج، تم تنصيب برنار رئيساً لدير كليرڤو، عن يد “جيوم دي شومپو” أسقف شالون- سير- مارن، ومنذ ذلك الوقت نشات بينهما صداقة قوية، وقد كان الأسقف جيوم دي شومپو أستاذاً لعلم اللاهوت بجامعة نوتردام – پاري.
كانت بداية رئاسة برنار للدير شاقة ومؤلمة، إذ كان برنار شديد التقشف لدرجة أضعفت صحته، ولم يتمكن أحد من إقناعه بتخفيف هذا التقشف مراعاةً لصحته سوى الأسقف جيوم دي شومپو الذي استخدم سُلطته حتى يلتزم برنار بطاعته، لكن سماع الكثيرين عن سُمعة الدير الطيبة جعلتهم ينضمون إلى تلك الواحة الروحية التي حفظت مبدأ ألا تكون من العالم، وكان قد انضم حوالي 130 راهب وناسك جديد كان من بينهم والد برنار نفسه وأشقائه الخمسة الرجال، بينما ظلت شقيقته “أمبلين” في الحياة العلمانية، لكنها بعد حين وبموافقة زوجها تكرَّست للرهبنة البندكتية في دير واقع بـ چولي لي نونا. كما أصبح شقيقه السابق له في الترتيب “چيرار دي كليرڤو” (القديس چيرار دي كليرڤو فيما بعد) هو مُدبر دير الرهبنة بـ سيتو.
مع إزدياد عدد طالبي الرهبنة، أصبحت الحاجة ماسة لإيجاد ديار أخرى للرهبنة.
في عام 1118م، تم إنشاء دير تروا فونتِن، وفي العام التالي تم تأسيس دير فونتونيه.
عام 1121م، تم تأسيس دير فوني.
ولكن برغم كل هذه الإنجازات التي كان برنار سبباً فيها، كانت هناك آلام وصراعات في حياته. ففي أثناء غيابه عن دير كليرڤو، حضر رئيس دير البندكتين بـ كُني إلى دير كليرڤو، وأغوى راهب بالدير من عائلة برنار ويُدعىَ “روبرت دي شاتيون” لترك الرهبنة السيسترسية والإلتحاق بدير البندكتين كنوع من إفقاد الثقة في قدرة السيسترسية على إحياء وإصلاح ما أفسده الرهبان البندكتين من قانون مؤسسهم القديس بندكتس.
كان الأباتي برنار قد حضر الإجتماع العام لرهبنة السيسترسيين عام 1119م، ونال احترام الجميع وهو الراهب الشاب الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره، بشكل خاص عندما عرض أفكاره المتطورة في إحياء روح الإلتزام والحماس التي بدأت بها الحياة الرهبانية في القرون الأولى.
عام 1120م، كتب الأباتي برنار أول أعماله، بعنوان “درجات الفخر والاتضاع”، وكذلك عظاته التملية عن العذراء مريم والتي وضع لها عنوان “في صباح مريم“.
بدأت تدب روح الغيرة الغير رسولية، لدى رهبان دير البندكتين بـ كُني، عندما لاحظوا ريادة الرهبنة السيسترسية على كل الرهبانيات بالكنيسة الجامعة. لذلك بدأوا يتصيدون الأخطاء ويحاولون بشغف تفنيد القانون الرهباني السيسترسي بدعوة عدم عمليته و تناسبه مع العصر الحديث!
أثناء محاولات التحريض ضد الرهبنة، كان رد فعل الأباتي برنار أن نشر اعتذاراً على قسمين، ليحارب الكبرياء بالتواضع، مع الإحتفاظ برأيه وقناعاته في قانون الرهبنة السيترسية.
كان القسم الأول من إعتذاره هو دفاعه الموضوعي عن قانون رهبنته، أما القسم الثاني فقد كان تفنيد لإدعائات البندكتين وإثبات عمل عمليتها أمام الإيمان والإنجيل، لكنه احتفظ بصيغة متأدبة في إحترام البندكتية وسائر الرهبانيات.
أصبح رئيس دير البندكتين بـ كُني، هو الأباتي “پيار دي مونبواسيه” (الطوباوي پيار دي مونبواسيه فيما بعد)، وقد أظهر إعجاباً شديداً ببرنامج الأباتي برنار الإصلاحي، وقرر تطبيقه في ديره، وبنعمة الروح القدس تاب الأباتي “سوچير”، وهو أحد ارهبان الذين عملوا بالسياسة، حيث كان وزيراً لملك فرنسا لوي السادس، فقرر التخلّي عن كل إرتباطات عالمية (مالية او سياسية) والعودة لمسيرة التكريس الرهباني، وإعادة الإنضباط الروحي إلى ديره.
إمتدت حماسة الأباتي برنار إلى الأساقفة والكهنة الإيبارشيين والعلمانيين أيضاً، وقد اتخذ عدد غير قليل منهم مسلك روحي جاد، وبدأوا في مسيرة توبة حقيقية ومعايشة حقيقية لتعاليم الإنجيل بحسب الدعوة التي دُعيوا إليها.
كما اعتُبِرَت رسالته لأسقف سُنس بعنوان “مكتب الأساقفة” كعظة رائعة، كما ألَّف كتابه “النعمة والإرادة الحرة“.
مُعلِّم الكنيسة (1128م – 1146م):
عام 1128، شارك الأباتي برنار في سينودس تروا، حيث استدعاه “البابا أونوريوس الثاني”، لتسوية خلافات بين أساقفة إيبارشيات پاريس، وكذلك مناقشة بعض الأمور التنظيمية بالكنيسة الفرنسية، وتم إسناد أمانة سر السينودس وصياغة التوصيات والقوانين الصادرة عنه له. وكان من ضمن قرارات السينودس عزل أسقف إيبارشية ڤيردان،
عادت الأحقاد تلاحق الأباتي برنار، فقد تم اتهامه من بعض الكرادلة المقربين من البابا بأنه راهب قليل الخبرة يتدخل فيما لا يعنيه، ومن أشد الإنتقادات التي وُجِهَت إليه الخطاب شديد اللهجة الذي أرسله إليه “الكاردينال هارمريك”، وقال له ما نصّه: ((ليس من اللائق أن تخرج الضفادع المزعجة من جحورها لإحداث صخب يُزعِج الكرسي الرسولي والكرادلة)).
جهوده في إنهاء الإنشقاق (تجليس ضّد البابا):
أصبح لبرنار تأثيراً إقليمياً خارج فرنسا، ودافع بشجاعة عن الكنيسة ضد تجاوزات الملوك والأمراء، دون الإنتباه لأي إعتبارات كوضعه وهو الراهب الفقير الذي بلا سُلطة زمنية ولا تأييد كبير من الإكليروس في مواجهة ملوك وأمراء قادرين على سحقه.
بعد وفاة البابا أونوريوس الثاني عام 1130م، حدث الإنشقاق بعد انتخاب البابا الفعلي “إنوسنت الثاني” وضدّه (البابا الغير منتخب) “أناكليتوس الثاني”، وقد نفى الأخير البابا إنوسنت خارج روما فلجأ إلى فرنسا.
في تلك الأحداث، دعى الملك لوي السادس لانعقاد مجلس وطني للأساقفة الفرنسيين بمدينة إيتومب، ودَعى الأباتي برنار للحضور، وذلك لإستبيان الأحق من الباباوين لقيادة الكنيسة، فاختار برنار صف البابا الذي تم اختياره من قِبَل مجمع الكرادلة واتبع الإجراءات السليمة وهو البابا إنوسنت الثاني.
كان لبرنار جهد كبير في دعم البابا إنوسنت، حيث سعى لدعمه لدى ملوك أوروبا، وكذلك قام بإقناع نبلاء إيطاليا لدعم نظام الكنيسة في إختيار البابا وعدم التعاون مع الضدّ المتجاوِز.
كما استطاع إبعاد “جوليام العاشر” دوق أكيتين عن دعم الضدّ أناكليتوس الثاني، إلى أن انقضىَ الصراع بوفاة الأخير عام 1138م.
عام 1139م، شارك برنار في أعمال المجمع اللاتيراني الثاني، الذي تم فيه إدانة كل من أيَّد ضدّ البابا، وسعى إلى الإنشقاق في وحدة الرأي.
قام رئيس أساقفة أيرلند “ملاتشي” (ملاخي) (القديس ملاتشي فيما بعد)، بزيارة الأباتي برنار في ديره بكليرڤو، وأعجب جداً بالحياة الروحية المتنامية داخل الدير، لدرجة دفعته ان يطلب الترهُّب في الرهبنة السيسترسية والإعتزال بدير كليرڤو، إلا أنه لم يستطع الحصول على موافقة البابا.
جهوده في مناقشة الإبتداعات:
مع بداية القرن الحادي عشر كانت قد تبنت مدارس فلسفية فرنسية أفكاراً تضاد الإعتقاد المسيحي، وقد تبنّىَ هذه الأفكار عالم الفلسفة الفرنسي “پيار أبيلار”. إطلع الأباتي برنار على كتابات كثيرة له على نحوٍ يضاد مضمون عقيدة الثالوث الأقدس، وذهب لإجراء مناقشة خاصة مع الفيلسوف أبيلار حتى لا يُلحِق به مشكلات إذا نمىَ إلى علم محاكم التفتيش محتوى كتاباته، فتظاهر الأخير بإقتناعه بوجهة نظر برنار، ثم عاد وأنكر ذلك واستمر في محاولة نشر أفكاره في الكنيسة.
إستنكر برنار هذا التصرف الصبياني وقام برفع شكوى للكوريا الرومانية (المحكمة)، وكان القرار بعقد مناظرة علنية بين الطرفين برعاية الكنيسة حتى يتم الوقوف على الرأي الأصح.
تم إعطاء الفرصة لأبيلار لعرض أفكاره، ثم جاء دور برنار الذي كان مُقنعاً في أراءه، وتم الحكم لصالحه بعدم صلاحية تعاليم أبيلار كنسياً. ولم يعترض الأخير، بل قرر الإعتكاف في دير البندكتين لدى الأباتي “پيار دي مونبواسيه” حتى وفاته.
وفي تصدّي آخر للهرطقات، تم استدعاء برنار عام 1145م من قِبَل الكاردينال “ألبريك” أسقف أوستي، وهو راهب بندكتي كان منزعجاً من أفكار مبتدع آخر يُدعىَ ” پيار دي بروي” كانت قد اعتبرتها الكنيسة في السابق هرطقات، فقام آخر بأحياء أفكاره من بعده، وهو راهب بندكتي من دير كُني يُدعى “أونري دي لوزان”، بعد أن أضاف لها بعض التحديثات.
وصل برنار إلى جنوب فرنسا، وأتمّ مناظرة أخرى لكن هذه المرة في مواجهة أونري دي لوزان، وقد كانت حجة برنار إلى جانب مظهره المتقشف وثقة الجميع في نزاهته وعدم وجود دوافع خلف أراءه سوى نظرة متحققة في الإنجيل واستجابة لصوت الروح، فقد كانت كل هذه العوامل تساعده دائماً على النجاح. وقد ساهمت مناظرته لأفكار دي لوزان في تخلّي الكثيرين من أتباع الأخير عنها وبالتالي موت هذه الأفكار مع نهاية العام الذي تمت فيه المناظرة.
كذلك كانت له جهود ضد بدعة إنكار الإفخارستيا “الكاثار” والتي كانت حديثة النشأة في فرنسا في تلك الحقبة، وهي التي تعاقب العديد من القديسين على مواجهتها في قرون تالية.
زمن الحملة الصليبية الثانية (1146م – 1149م):
أتت اخبار سيئة من القسطنطينة بعد حصار جيش السلاجقة الذين كانوا يحكموا الدولة الإسلامية لمدينة أديسا (الرها كما أسماها العرب فيما بعد. كما أتت نفس الأخبار عن حصار في الأراضي المقدسة، وطُلِب إلى الأباتي برنار من البابا تحميس أفراد الجيوش الأوروبية القائمين بالحملة الصليبية الثانية وتشجيعهم على الذهاب لدعم الجيوش الأوروبية المحاصرة في أديسا والقدس، وقد فعل ذلك بوازع قومي وبأمانة لأوطانهم وأرواح مواطنيهم، وقد كانت له عظة غير مدونة في هذا الشأن لكن قيل انها من اعظم عظاته التي تُعطي توازن بين الروحانية وخدمة الوطن.
إلا أن الحملة الصليبية لفك الحصار فشلت، وقد أثار هذا حزنه الشديد، فبعد كل التضحيات ودماء الجنود لم ينجحوا في تحرير المناطق المحاصرة. وبرغم كونه ليس صاحب فكرة هذه الحملة، إلا أنه كان ككبش فداء بتحميله مسئولية الفشل. لكنه قبل ذلك بتتواضع وأرسل خطاباً يعتذر فيه برغم كل ما تعرض له من ظُلم وكأن تلك الحملة لم تكن بموافقة البابا أوربان وأغلب ملوك أوروبا.
عن حياته وصراعاته الروحية:
كسائر الرهبان القديسين، تعرَّض برنار لمحاربات كثيرة كان يستخدم فيها وسائل عصره من الإماتات الحسّية القاسية، حيث كان يسبح في الماء في الشتاء القارس ليخمد شهوة جسده، كما كان يهرب من كل أسباب الإثارة لينفذ عفته بالجري على أقصى سرعة حتى تخور قواه.
كانت سمعته الطيبة تدفع كبار رجال الإكليروس الأعلى منه درجة يستمعون إلى نُصحه، بل إن حتى أعداء الكنيسة كانوا يشهدون له بالصلاح، وروعة الكتابة.
كما كانت سمعته الطيبة سبيلاً لمزيد من دعوات الترهُّب لدى الرهبنة السيسترسية، وتشييد حوالي 163 دير لاستيعاب طلاب الرهبنة، وقبيل وفاته كان قد تم انشاء 343 دير بمختلف أنحاء أوروبا.
التجليات الروحية:
كان لعُمق تأمل الأباتي برنار الفضل في دخوله في حالات إنخطاف روحي، ورؤىَ لا يمكن وصف روعته، ومن أشهرها رؤيته للرب يسوع مصلوباً وقد مدّ ذراعه ليتحتضن الأباتي القديس، فسأله اباتي عن أكثر الأوجاع والجراح التي كانت تُجهِده طوال رحلة الآلام من الجلد وحتى الصلب، فأجابه السيد المسيح: ((إنه جرح كتفي، إذ أنني لمّا حملت الصليب، تسبّب لي بجرح عميق آلمني أكثر من باقي جراحي)). ثمّ طلب من القديس تكريم هذا الجرح، واعداً المتعبّدين له بنيل النعم باستحقاقاته.
من جهته، اعتبر برنارد هذه الرؤية برهاناً آخر على رحمة يسوع اللامتناهية، لذا فاضت منه صلاة خلال أحد أوقات تأمّله: ((يا يسوع المحبوب، يا حمل الله… إني أنا الخاطىء البائس أكرِّم جرح كتفك المقدس. هذا الكتف الذي حمل الصليب الثقيل، فتمزَّق لحمك وتَعرّىَ عظمك، فسبّب لك آلاماً أشدّ من جميع جراح جسدك الأخرى. يا يسوع المتألم كثيراً، إنني أمجّدكَ وأسبّحكَ وأشكركَ على هذا الجرح المقدس المؤلم، مُتوسلاً إليك بشفاعة تلك الآلام الشديدة للغاية وبشفاعة صليبك الثقيل جداً أن ترحمني أنا الخاطىء، وتغفر خطاياي المُميتة والعَرَضية، وأن تقودني في طريق صليبك إلى السماء)).
كما كانت له رؤيا رائعة لمريم العذراء تحمل طفلها يسوع وقد ألهمته الرؤيا بالصلاة الشهيرة:
((اذكري يا مريم العذراء الحنون، أنّه لم يُسمع قط أنّ أحداً التجأ إلى حمايتك وطلب معونتكِ ورُدّ خائباً. فأنا بمثل هذه الثقة، ألتجىء إليك أيتها الأم عذراء العذارى، وآتي إليك، وأجثو أمامك، أنا الخاطىء المسكين مُتنهّداً، فلا ترذلي تضرّعاتي يا أمّ الكلمة، بل استمعي لي بحنو واستجيبيني، آمين)).
رقد الأباتي برنار من كليرڤو بعطر القداسة بعد تدهور صحته بسبب التقشُّف، في 20 أغسطس 1153م بعمر الثالثة والستين، تم إعلان قداسته عن يد البابا ألكسندر الثالث عام 1174م، ودعاه البابا پيوس الثامن مُعلِّماً للكنيسة الجامعة عام 1830م.
زخائره المباركة محفوظة بإكرام في مزاره الرئيسي بكاتدرائية القديسان بطرس وبولس بمدينة تروي – فرنسا.