المرأة، كرامتها وحمايتها من الاعتداءات
المرأة، كرامتها وحمايتها من الاعتداءات- توصية من توصيات سنودس الأساقفة
توصية 27 من توصيات سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط
عقدت ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : “المرأة، كرامتها وحمايتها من الإعتداءات” (توصية 27 من توصيات سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط)، برئاسة رئيس اللجنة، المطران بشارة الراعي، شارك فيها: الكاتبة والناقدة الأدبية والأجتماعية والباحثة في شؤون المرأة، السيدة منى الشرافي تيم، والصحافية في جريدة المستقبل، السيدة فاطمة حوحو، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، وحضرها أمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، والمسؤول عن الفرع السمعي البصري في اللجنة، الاب سامي بو شلهوب، والسفير السابق فؤاد عون، وأمين عام جمعية الكتاب المقدّس، السيد مايك بسوس، ومن الرابطة المارونية، العميد بردليان طربية، والأديبة ليلى عثمان، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين، قدّم لها وأدارها المحامي وليد غياض.
كلمة المحامي وليد غياض جاء فيها:
“ستتخذ كنائسنا الوسائل المناسبة لتشجيع ودعم احترام المرأة وصون كرامتها ودورها وحقوقها. ولا بد من تقدير ما تبذله المرأة بكفاءة وسخاء في خدمة الحياة والعائلة والتربية والخدمات الصحية تقديراً جلياً ” هكذا تحدثت الفقرة 27 من توصيات سينودس الاساقفة من اجل الشرق الاوسط عن المرأة، داعيةً الى الاصغاء اليها بانتباه.
ولان المرأة هي الام والاخت والزوجة والشريكة والمسؤولة، فلا بد من ان تكون مشاركة بشكل متساو للرجل في الحقوق والواجبات، وهي ان لطّفت قساوته في بعض المواقف والمواقع، كانت عامل سلام وازدهار، وكان هو الى جانبها مصدر قوة ودعم. فالحماية هي واجب متبادل بين الرجل والمرأة بغض النظر عما هو سائد وبشكل خاطىء في مجتمع اليوم اكان شرقاً أم غرباً. فالمرأة ليست سلعة ولا حقلاً لممارسة العنف والاستبداد والاستغلال، فيما المطلوب منها ايضأً، كما الرجل، صون كرامتها وعدم استغلال نفسها وجسدها في غير ما حلّل الله لها، اذ اراد ان تكون أم البشرية، مريم العذراء، مثالاً اعلى لها.
ثم كلمة ترحيبية من المطران بشارة الراعي جاء فيها:
اخترنا هذا الأسبوع الذي نتهيأ به للميلاد، حيث أن الله اتخذ من المرأة قدوة بشرية، ورفعها إلى علو السحاب ، كي نوصل إلى الرأي العام ما جاء في توصيات السينودس من أجل الشرق الأوسط، و في الرسالة الختامية، وفي النداء إلى كل حالات المرأة كزوجة، اخت، أرملة، مكرسّة، وسماها حاملة الحياة البشرية التي أخذها من امرأة (مريم العذراء).
أخترنا الموضوع لنظهر للمجتمع من يشوه وجه المرأة خاصة في الإعلان والإعلام، وسأل المعلنين ومنفذي البرامج إذا كان هذا التشويه يخرج من عندهم (أن يضعوا صورة أمهم أو أختهم أو زوجتهم فهل يجرأون ؟)
وأضاف: “في زمن الميلاد طلت علينا المرأة بوجه “مريم العذراء” التي لها كل الاعتبار عند الله، اختار أن يلج الأقنوم الثاني في حشا امرأة حتى يأخذ طبيعته البشرية، وتُزرع فيه القيم الإنسانية والأخلاقية إلى جانب يوسف وهي حبلت من الروح القدس.
ثم حيا المرأة ، وقال : “هدفنا أن يُرجع المجتمع للمرأة كرامتها ويعطيها دورها ومكانتها”.
وختم بالقول: “ولد المسيح، هللويا”.
ثم كانت مداخلة للسيدة منى تيم عن المرأةُ والتحرش الجنسي في سوقِ العملِ جاء فيها:
استهلت مداخلتها يقولُ بلزاك: “المرأةُ مخلوقٌ بين الملائكةِ والبشرِ”، لقد مارستْ المرأةُ العربيةُ عبرَ التاريخِ أدواراً رائدةً، مما جعلَ لها خصوصيةً تفوقتْ فيها على نساءِ العالمِ. فالمرأةُ تعاني العديدَ من المشكلاتِ والمضايقاتِ والضغوطاتِ النفسيةِ والبدنيةِ، التي تواجِهُهُا في سوقِ العملِ، وهي ضريبةٌ تدفعُها المرأةُ… ثمنَ فِعاليتِها وكفاءتِها وحاجتِها. ومن أبرزِ هذه الظواهرِ، ظاهرةُ التحرشِ الجنسيِ بالمرأةِ أثناءَ تأديتِها وقيامِها بعملِها، وهذه الظاهرةُ سلوكٌ غيرُ أخلاقيٍ وشكلٌ من أشكالِ القهرِ الذي يمارسُ ضدهَا، وله مضاعفاتٌ اجتماعيةٌ ونفسيةٌ خطيرةٌ.
واعتبرت أنه من الضروريِ أن تحظى قضيةُ التحرشِ الجنسيِ بالمرأةِ على إضاءةٍ واهتمامٍ كبيرين من قبلِ الدولِ والحكوماتِ والقضاءِ والمجتمعِ والأفرادِ، وهذا الأمرُ يعودُ إلى ما تتمتعُ به المرأةُ من رفعةٍ بدعمِ الدياناتِ السماويةِ الثلاث، التي أعلت من شأنِها وحفظتها ومنحتها الكرامةَ والعزةَ والمكانةَ والكثيرَ من القيمِ والاحترامِ.
وأضافت: “الظلمُ الاجتماعيُ والتحرشُ الجنسيِ بكل أشكالهِ هو من أبشعِ صورِالانتهاكِ لحقوقِ المرأةِ وكيانِها. ويجبُ العملُ على الخروجِ من نفقِ التخلفِ الاجتماعيِ المظلمِ، الذي يجعلُ من مناقشةِ ظاهرةِ التحرشِ الجنسيِ، الذي يمتهنُ كرامةَ المرأةِ “تابوهاً” محرماً. وأكبرُ دليلٍ على تحريمِه هو قلةُ البحوثِ والقوانينِ التي تخوضُ هذا الموضوعَ أو تختصُ به”.
وأقترحت السيدة تيم إقامة الحلول الآتية:
-إقامةُ دوراتٍ توعويةٍ تشملُ كلاً من الجمعياتِ الاجتماعيةِ والمؤسساتِ والشركاتِ والجامعاتِ والمدارسِ،
– تأسيسُ مراكَز خاصةٍ تستطيعُ المرأةُ اللجوءَ إليها في حالِ تعرضِها للتحرشِ الجنسيِ،
– التركيزُ على الدورِ الجوهريِ والأساسيِ للمؤسساتِ الإعلاميةِ، المرئيةِ والمكتوبةِ والمسموعةِ من خلالِ القيامِ بحملاتِ التوعيةِ، وإجراء تحقيقاتٍ ومقابلاتٍ داخلَ أماكنِ العملِ، يكون هدفُها تحديدُ مقاييسِ حالاتِ التحرشِ الجنسيِ ومعاييرِه، والتأكيدُ على شرحِها وإحصائِها وعرضُ حالاتٍ حيّةٍ عنها،
– وعلى تدخّلُ القضاءِ واعتبارُ هذا العمل جريمةً يجب أن يُعاقبَ مرتكبُها.
وختمت بالقول: “ما أحوجَنا اليومَ إلى زلزلةٍ فكريةٍ وثقافيةٍ واجتماعيةٍ من شأنِها أن تغيرَ الطبائعَ كي يتمَّ إصلاحُ المجتمعِ. نحن في أمسِّ الحاجةِ إلى تسخيرِ طاقاتِ الجنسينِ كي ننهضَ بمجتمعاتِنا وأوطانِِنِا ونقضيَ من خلالِها على الخيوطِ السامةِ والآفاتِ الاجتماعيةِ التي تحدُّ من تطورِنا وازدهارِنا.
ثم كانت مداخلة للسيدة فاطمة حوحو عن المرأة اللبنانية في العمل السياسي (الانتقال من وراثة الزعامات الى اعتماد الكفاءات) جاء فيها:
ان ديموقراطية اللبنانيين ما تزال منقوصة، كونها لا تشمل النساء، ويتجلى الامر في الحياة السياسية اللبنانية، فالقانون اللبناني الذي ضمن حق المشاركة السياسية للمرأة منذ العام 1953 عبر الاقتراع وكان سباقا بين الدول العربية انذاك، الا ان حياته السياسية لم تشهد مشاركة النساء في مواقع السلطة، الا في بداية الستينات، عندما دخلت السيدة ميرنا البستاني الى البرلمان تعييناً بعد مقتل والدها.
وبذلك تخضع النساء اللبنانيات الى هذا الواقع الصعب في غياب لوبي نسائي قادر على التأثير وفرض نفسه سواء بخوض معارك سياسية واضحة لصالح مشاركة اوسع للنساء في الحكومة والمجلس النيابي وفي قيادات الاحزاب وفي كل مواقع القرار السياسي.
وأضافت : “أما لماذا تغيب المرأة اللبنانية عن المشاركة السياسية الفعالة؟ الجواب صعب ومعقد، لكن يمكن القول ان ما عاشه النظام اللبناني لم يكن سهلا، فهو تعرض للإنقسام والحرب لم تترك له مؤسسات رسمية قوية، وهي اليوم تنازع للحفاظ على ما تبقى.
واعتبرت أن قلة مشاركة النساء في العمل السياسي، يجمد دينامية المجتمع ففي بلد وضعت فيه الثقة برجاله اكثر من نسائه لا نجد امكانية لأخذه نحو الأفضل، مع ان العالم اليوم يشهد نجاحاً للمرأة في إجراء المفاوضات في الأمور السياسية الصعبة والمعقدة.
اما عن موقع المرأة في الاحزاب فهي ليست أفضل من أوضاعها في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ففي الإنتخابات البلدية تشير الإحصاءات التي أجرتها مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي إلى أن عام 2010 شهد إرتفاعاً في نسبة مشاركة وتمثيل النساء سياسياً في البلديات عنها في 2004. إرتفاع مضاعف للنسبة لكن متواضع، (2004 = 2,2% و2010 = 4,7%)، رغم الجهود العديدة التي بذلت بين الفترتين بهدف تفعيل المشاركة السياسية للنساء.
أما المعوقات التي تعترض تقدم المرأة ومشاركتها الفعالة في الحكم فهي معوقات مختلفة: سياسية، اقتصادية، اجتماعية – ثقافية، نفسية، معوقات النهوض بالحركة النسائية: إذ لا زالت الحركة النسائية غير قادرة على بناء قيادات نسائية. ومعوقات قانونية: فالمرأة اللبنانية تعاني من القوانين التميزية الجائرة بحقها لا سيما في القوانين الجزائية وقوانين الأحوال الشخصية، ومعوقات المواطنية المنقوصة للمرأة: لناحية عدم حق المرأة اللبنانية منح جنسيتها لعائلتها. والسؤال المطروح هل يكون نظام الكوتا هو الحل لإشكالية مشاركة النساء في العمل السياسي؟، بعد أن ظلمهن القانون وغيبن عن البرامج الإنتخابية ونبذهن نظام الطوائف، فلم يبق لهن من أمل سوى اعتماد “الكوتا” النسائية في مواجهة “الكوتا” الطائفية. ويبدو ان المرأة لن تستطيع لعب دور أعظم في الحكم في لبنان ما لم يتحول النظام السياسي في لبنان بعيداً عن الوضع التقليدي السائد من نظام طائفي ونمو تعدديّة علمانية أكثر انفتاحاً. ولن يستطيع لبنان التمتع بالديموقراطية الحقّة طالما هو مستمر في إعاقة حقوق المرأة ومنعها من دخول الساحة السياسية.
وخلصت إلى القول “إن مشاركة المراة في الحياة السياسية ليست هدفاً في حد ذاتها، بل هي أداة مهمة وربما تكون الوحيدة لإعادة الروح الى المجتمع، فالمرأة ليست نصف المجتمع المعطل فحسب، بل هي روحه.
واختتمت الندوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم جاء فيها:
تلعب المرأة دوراً في عالم اليوم، وتقف صلبةً في وجه التحديات التي تواجهها والتي تهدف إلى الحدّ من تطلعاتها خاصةً في المجتمعات الشرقية التي تنظر إليها على أساس من التمييز بينها وبين الرجل.
لكن المرأة في المسيحيّة وبحسب تعاليم الكنيسة لعبت دوراً أساسياً وساهمت في خلاص البشرية فالعذراء مريم هي المرأة الأولى في هذا الكون، وهي التي شاركت في سرّ التجسّد وأصبحت أم الله “عمانوئيل” الذي بدّل وجه الخليقة وحوّلها من الموت إلى الحياة.
والمرأة هي أمّ وأخت وزوجة وشريكة في عملية الإنجاب وهي مربية ورسولة في خدمة الفقراء والمعوزين وهي عطاء مطلق وكتلة محبة وحنان.
من خلال هذه النظرة يجب أن ننظر إلى المرأة وليس على أساس آخر ينتقص من كرامتها، فهي ليست سلعة كما يريدها البعض، ولا أداة للمتعة كما يتعاطى معها البعض، ولا مادةّ إعلانية يسوّق من خلالها بعض السلع والتي وإن غلا ثمنها يبقى بخثاً أمام كرامتها.
إن المرأة هي شريك أساسي في مسيرة هذا الكون وهي عنصر فاعل ومنتج له كرامته وعليه فإننا مدعوون في هذا الشرق إلى ثورةٍ ضد كل الأعراف والتقاليد التي تحقّر المرأة وتعنّفها وتستغلها، مدعوون إلى ثورة إنسانية تجاوب على الدعوة الإلهيّة، دعوة الخالق التي جعلت من المرأة شريكةً حقيقية للرجل في تركيبة هذا الكون على قدم المساواة.
وللمرأة نقول أنتِ الأم والزوجة والأخت والأبنة، لكِ منا كل محبة وتقدير واحترام.
عن موقع وكالة زينيت العالمية