” لِأَنَّهُم تابوا بِإِنذارِ يونان، وَهَهُنا أَعظمُ مِن يونان ” ( متى ١٢ : ٤١ )
فلنتجنّب فقدان كلّ أمل ، لكن أيضًا فلنجتنب الاستسلام إلى اللامبالاة … فاليأس يمنع مَن سَقَطَ أن ينهض ، واللامبالاة تسبّب سقوط من كان واقفًا … فإذا كان العُجب بالذات يَرمينا من أعلى السماوات ، فإنّ اليأس يرمينا في هوّة الشرّ اللامحدود، في حين أنّ بِضْعًا من الأمل يكفي لكي ينقذنا منها …
بهذه الطّريقة أُنقِذت نينوى . غير أن الحكم الإلهي الذي أُصدِر بحق أهل نينوى كان بطبيعته سيغرقهم في القلق لأن هذا الحكم لم يكن يعني : ” إن تبتم ستنجون ” ، إنّما كان : ” بَعدَ أَربَعينَ يَوماً تنقَلِبُ نينَوى ” ( يونان ٣ : ٤ ). لكن ، لا تهديدات الربّ ولا إيعازات النبي يونان ولا قساوة الحُكم بذاتها قد قلّلت ثقتهم . إنّ الربّ يريدنا أن نستمدّ عبرة من هذا الحكم المُعلن بدون شروط كي نتّعظ من خلال هذا المثل ونقاوم اليأس والسّلبيّة أيضًا . بالإضافة الى ذلك ، فإنّ العطف الإلهي لم يتجلَّ فقط من خلال الغفران الذي أُعطي لأهل نينوى التّائبين : إنّما المهلة التّي أعطيت لهم تثبت حنان الربّ الذي لا يوصف .
هل تعتقدون أن أربعين يومًا كانت كافية كي تمحي هذا الإثم ؟
إن رحمة الربّ تشّع من خلال تلك الكلمات ، فضلًا عن ذلك ، أليست هي السبب الأساسي لخلاص المدينة بكاملها ؟
فلينقذنا هذا المثل من كلّ يأس . لأن إبليس يعتبر هذا الضعف ( أي اليأس ) السِّلاح الأكثر فعالية لديه ، وحتى عندما نخطئ ، لا يسعنا أن نعطيه لذّة أكثر إلّا عندما نفقد الأمل والرجاء .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك