قوّة الرجاء
الأخت أمل الباني
نحن ثمار المستحيل، ووجودنا نفسه هو تحدّ في وجه الشدائد التي تتعقبّنا. لقد تعلمنا في الماضي أن ليس هناك حلم من أحلامنا لا يبقى إلى الأبد مستحيلاً. لا القمر ولا سقوط جدار برلين ولا السلام مع أعداء الأمس. إن قوّة رجائنا تُقاس يوم يضيعُ رأسُنا وتبدو الأرض هاربة من تحت أقدامنا ويوم تغمرنا الصعوبات ولا من معين.
إنّه الرجاء الذي يقف في وجه الألم الفائق، يقف ليستعير طُرُقاً سرّية ويجد ممسكاً على الحائط الأملس ويحصل ولو على ميليمتر في وجه تيّار النهر الجارف لأنه لا يقبل الخضوع للقوّة العمياء.
الرجاء فيه شيء من غير المعقول، لكنه يستطيع أحياناً أن يرفع العالم ويسحق الحدود ويدفع بحدود السطوة ويغتصب احترامنا.
الرجاء يُسِرُّ إلينا أن ليس من قضية خاسرة مسبقاً كما ويشدّنا إلى التفكير في أشدّ العواصف. إنّه دمغة من الحكمة في وجه الاستسلام.
أن نرجو هو أن نغرفَ من داخلنا القوة لنخرج من الظلمة ونكذّب كلّ ما هو بيّن وواضح هذا الإيمان يعطي للأمل البعد العلمي الذي يبدو أحياناً أمراً جازماً. نستطيع أن نداعب أملاً ولكن لا ننسى أننا حاملو رجاء، ولا شيء أكثر واقعية من الحلم طالما تشبثنا بالإيمان به.
قد يحصل أحياناً أنّنا ننجح لأنّنا لم نكن نعرف أنّ هذا كان مستحيلاً.
الخوف يشلّنا وضخامة العمل تُفقدنا الشجاعة ولكن الصوت الداخلي الذي يساعدنا على مقاومة الخوف من الفشل هو نبعُ نجاحات.
في الوقت الذي نستطيع فيه أن نترك سلاحنا، تقوم غريزتنا لتدفع بنا إلى البقاء في الحياة.
أمام المريض المتخبط في مرضه والبريء المرذول عندما كلّ شيء يبدو توطؤاً، علينا أن نزرع الرجاء وهو زرع حبة المعقول.
خلافاً للتفاؤل البريء، الرجاء هو عبور إلى العمل، إنّه عصيان على الجمود والظلم والصدفة والحتمية. وتحبط أطناا بإمكاننا أن نغذّي آمالاً خاطئة لكن الرجاء يأتي منّا، إنّه تلك الإرادة العنيدة، الفاعلة والمسمّرة في قلب البشر، والقادرة على أن تغيّر مجرى النهر وتنقل جبالاً من الأنانيّة وتحبط أطناناً من الفخاخ.
هل هو مستحيل؟..
أم رجاء جنوني؟..
عن موقع جمعية التعليم المسيحي بحلب