كم مرة يُخطيء إليَّ أخي وأغفر له؟ الأب وليم سيدهم
إن أخطائنا لا تُعد ولا تُحصى. ورغم ذلك نحن متشوقون أن نعرف كم مرة نغفر لمن أخطأ إلينا؟ نحن نميل دائمًا أن نذكي أنفسنا، ونجد أعذارًا كثيرة لأخطائنا، أما أن نعذر قريبنا حينما يُخطىء فهذا شيء ثقيل على أنفسنا.
جاء بطرس الرسول يستفتي يسوع في هذه المسألة فأجابه يسوع قائلًا: “أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ.” (مت 18: 22) بمعنى أن نهييء أنفسنا للغفران في كل مرة يخطىء إلينا أحد أخوتنا ولكن نتسائل، هلى مكتوب علينا أن نتحمل إلى ما لانهاية أخطاء الآخرين وزد على ذلك أن نغفر لهم “من كل قلبنا”.
حينما نتأمل في كلام المسيح بخصوص الغفران نجد أنفسنا غير قادرين على الوفاء بهذه الوصية. ولكن مهلًا منذ متى كنا قادرين أن نخلص أنفسنا بأنفسنا ؟! ومنذ متى نجد أنفسنا معصومون من الخطأ؟ وما هي الخطية إن لم تكن تقصير في محبتنا لإخوتنا يقول المثل “ما محبة إلا بعد عداوة” فنحن نختبر هذا التناقض في سلوكنا اليومي، فنحن قد نخطىء في في حق إخوتنا رغم أننا نحبهم، ويزداد حبنا لهم بعد أن نرتكب خطأً فادحًا في حقهم.
ويشبه الكتاب المقدس ملكوت السموات بملك أعفى عن ديون أحد عبيده الكبيرة جدًا، ولكن هذا العبد بعد أن أعفى عنه الملك – وهو الله هنا – وجد زميلًا له عليه دين صغير، فأخذه إلى السجن دون رحمة. فلما علم الملك بما صار مع الذي أعفاه من ديونه الكبيرة، قال له: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟ وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. (متى 18: 32- 34)
ويختم الإنجيل هذا المشهد قائلًا على لسان يسوع: “فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاَتِهِ“ (متى 18: 35)
إن الغفران منحة إلهية للإنسان، فشريعة السن بالسن والعين بالعين متأصلة فيه، إلا أن الله منحنا كبشر نعمة الغفران، وأمرنا أن نفعل بأخوتنا ما يفعله بنا دائمًا، فهو يغفر لنا ذنوبنا ويعاملنا بالرحمة مهما أخطأنا، على شرط أن نتوب ونرجع.