« كُلُّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ تُثمِرُ ثِمارًا طَيِّبَة » – جان تولير
جان تولير (نحو 1300 – 1361)، راهب دومينكيّ في ستراسبورغ
العظة 7
« كُلُّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ تُثمِرُ ثِمارًا طَيِّبَة »
عندما نعمل في الكرم، فإنّنا نُقَلِّب التّربة حول أسفل جذع الكرمة ونَنزع الأعشاب الرديئة. على الإنسان أيضًا أن ينزع سيّئاته ويبحث بِعُمق وتيقّظ عمّا باستطاعته أن ينزعه أيضًا من عمق كيانه لكي تستطيع الشمس الإلهيّة أن تقترب منه فورًا وتسطع فيه. إن تركت القدرة الإلهيّة تقوم بعملها …، تُصبح الشمس ساطعة وترسل أشعّتها الحارقة على الثمار وتجعلها شفّافة أكثر فأكثر. وستترسّخ حلاوتها دائمًا أكثر، وستصبح القشور التي تُغلّف الثمار أكثر شفافيّة. هذا ما ينطبق بالمِثل على المجال الروحي. وأخيرًا ستُصبح العوائق المتوسّطة دقيقة الى حدّ أنّنا ننال دون انقطاع وعن قربٍ اللّمسات الإلهية. غالبًا وفي اللّحظة التي نستدير بها نحوه، نجِد دائمًا وفي داخلنا الشمس الإلهيّة شارقة وبسطوع أقوى من سطوع جميع الشموس التي تألّقت أبدًا في الجَلَد. وهكذا يُصبح كلّ شيء في الإنسان مؤَلَّهًا الى حدّ أنّه لا يشعر ولا يتذوّق ولا يعرف شيئًا بعمق سِوى الله، وهذه المعرفة هي أساسية وتتفوّق للغاية على شكل منطقِنا.
أخيرًا نزيل الأوراق من الأغصان لكي تستطيع الشمس أن تُشيع نورها على الثمار دون أن يعترضها أيّ عائق. هذا هو مثيل ما يحدث عند هؤلاء الناس: عندهم يسقط كلّ وسيط وينالون كل ما يريدونه وبشكل سريع. ها إنّ الصّلوات تسقُط كما تسقُط صُوَر القدّيسين والممارسات التقويّة والتمارين الروحيّة. لكن على الإنسان أن يتجنّب، مع ذلك، أن يطرح جانبًا تلك الممارسات قبل أن تسقط من تِلقاء ذاتها. عندها وفي هذه المرتبة، تُصبح الثمرة طيّبة بطريقة لا توصف؛ حينها لا يستطيع أيّ منطق أن يفهم ذلك… وفي ذلك الحين نصبح واحدًا مع العذوبة الإلهيّة، حتى أن كياننا سيكون مُولجًا كليًّا بالكيان الإلهي ويضمحلّ فيه كقطرة ماء في برميل خمر كبير… حيث لن تكون النيات الحسنة كما التواضع سِوى بساطة طَبَعِيّة، سوى سرّ خفّي في جوهره يَشِعّ سلامًا نكاد لا نفهمه.