لأجل الورد يُسقى العُليق – الأب وليم سيدهم
تقول الحكمة الشعبية إذا أردنا أن نحصل على الورد يجب أن نترك الحشائش التي تتغذى معه على الماء وهذا المثل الشعبي يقربنا من المثل الذي يذكره الانجيل حول الزؤان.
إذن تقبل الثقافة الشعبية أن نتحمل تفاهة بعض الأشخاص في سبيل الاستفادة من امكانياتهم المتميزة في الطب مثلًا أو الهندسة أو غيرها. فليس بإمكاننا أن نحصل على أشياء بعينها دون أن ندفع ثمن التمتع بهذه الأشياء. ولا يوجد إنسان كامل، ويحضرنا هنا مشروع زواج الفتيان والفتيات، فقد يظل الشاب سنين طويلة لكي يقع حظه على فتاة تحقق فيها الصفات التي ينشدها، إلا أن هذه الصفات تلازمها صفات أخرى قد تكون غير محببة لهذا الشاب. وحتى نكون واقعيين لابد من قبول الحدود الكامنة لدى الشخص أو الشخصية التي نريد أن نقترن بها ، سواء بالنسبة للفتى أو للفتاة.
وإذا كنا لابد أن نضمن الحد الأدنى من الصفات التي تتأسس عليها الأسرة مثل الإستقرار النفسي والإتزان العاطفي والقدرة على الحوار والقدرة على الإحتمال فإن صفة الجمال والحكمة والخبرة وغيرها تصبح غير ضرورية لأنها ليست جوهرية في العلاقة الزوجية.
ليس فقط إيماننا هو الذي يدفعنا إلى الإعتراف بأننا ضعفاء وخطأة ونحتاج دائمًا إلى قوة ومساندة الله لنا، ولكن علماء النفس وعلماء العلاقات الإنسانية والفلسفة يضعون شرطًا هامًا لإقامة أي علاقة مع الآخر هو القبول أننا بطبيعتنا ضعفاء، وبالتالي إمكانية الخطأ من ناحيتنا كما هي من ناحية الطرف الثاني واردة 100% هذا المبدأ ليس مبدأ “عاطفي” أو “أخلاقي” سطحي إنما مبدأ فلسفي عميق وممتد. فعلينا أن نكف عن الإدعاء بأننا معصومون من الخطأ. ليس الإعتراف بحدودنا معناه أن نفقد قدرتنا على الحوار أو مهارتنا في تحديد الأهداف بل هذا الاعتراف في أعماقنا يجعلنا أكثر تواضعًا وأصدق في إجتهاداتنا وأكثر إقناعًا مما لو كنا مدّعين.
يدعونا الإنجيل أن نكون كاملين مثل أبينا الذي في السموات، وعلينا أن نصوب نظرنا إلى الكمال. هذه الدعوة تجعلنا مشدودين طوال حياتنا نحو الكمال. ولكن إيماننا يعلمنا أننا كبشر لن يكتمل مشروعنا الشخص إلا في الملكوت حينما تتطابق مشيئة الأرض بمشيئة السماء: “لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.” (مت 6: 10) ولذا من أجل الحصول على السماء علينا أن نعاني من صعوبات الحياة على الأرض.