لاهوت اسبوع الآلام … جوهر مسيرة المسيحي !!!
ليتورجية أسبوع الاَلام تحمل معانٍ وخلاصات عديدة !؟…
تضعنا أمنا الكنيسة المقدسة في أسبوع العظيم أمام سرّين أساسيين: الاَلام والقيامة.
تتجلى على مسامعنا في قراءات أسبوع الاَلام مسيرة متكاملة. ونتختتم صيامنا مع الرب
بدخوله ملكاً على أورشليم لندخل أسبوع الآلام والوصول إلى الحكم عليه والاَلام والموت ومن ثمة القيامة.
أسبوع يوصلنا لنعيش مع الرب في محطتين بارزتين من خلال مسيرة شعب إسرائيل في العهد القديم ومن خلال مسيرة يسوع الخلاصية …
دعا الربّ العازر من قبره بعد أن أنتن الموت جسده الأرضي في ظلمات القبر و الجحيم إلى حياة الجديدة. ” يارب لو كنت هنا، لما مات أخي ” (يو 21،11)
يفتتح سبت احياء العازر من الموت صفحة لاهوتية جديدة تدعونا إلى التأمل في سَرِ المسيح الفادي الذي ضحى بحياته داخلاً ملكاً على أورشليم تستقبله ألوف الأصوات بال”هوشعنا ” وألوف الأيادي حاملة سعف النخيل وأغصان الزيتون مرنمة مع صاحب المزامير: أيها الرب سيدنا ما أعظم أسمك في كل الأرض … بأفواه الأطفال و الرضّع ، أسست لك عزّة (مز8،2-3)
ظافر التيجان طلب جحشاً يدخل عليه صهيون ، ليحط بتواضعه عزَّ المتسلطين” (مار يعقوب السروجي )
دخل الرب يسوع أورشليم ملكاً متواضعاً راكباً جحشاً أبن أتان ليعلمنا التواضع و الإمّحاء.
دخل المدينة الأرضية التي حكمته بالصلب والفداء محولاً إياها جسر عبور من أرض الأموات إلى أرض الأحياء، من الخطيئة إلى الفداء والخلاص، من اورشليم الأرضية إلى أورشليم السماوية.
“إذ قد وصلنا بنعمة الله ، محب البشر إلى نهاية الأربعين المقدَّسة، وأتممنا العدَة المفروضة علينا … لنبلغ ذروة الفضيلة وندخل مدينة الظافرين … لنصل إلى الميناء بسلام ” (يوحنا فم الذهب)
إن أسبوع الاَلام يحمل معانٍ وخلاصات عديدة هدفها مساعدتنا للوصول إلى ميناء السلام والاحتفال بالفصح، أي قيامة الرب الفادي من بين الأموات.
تحتفل الكنيسة شرقاً و غرباً بيوم الفصح و في الأسبوع الذي يسبقه بموت الرب وقيامته، بعبور من الموت إلى الحياة . هذه الحقيقة تدفعنا للقيامة: فالحمل الحقيقي الذبيح حامل خطايا العالم : بموته غلب الموت وبقيامته أعاد لنا الحياة ” (نص ليتورجي قديم)
فالكنيسة تشهد لسر الخلاص من خلال موت الرب وقيامته وعبّرت عنه في احتفالاتها الليتورجية شرقاً وغرباً منذ القرن الرابع ميلادي، وجعلت من الفصح و القيامة رأس الأعياد السيدية ومحورها. وضعت الكنيسة هنا رسماً ليتورجياً ولاهوتياً قوامه:
* الصوم ، لقاء الجماعة ، الصلوات و القراءات الكتابية و الاَبائية و الرتب الطقسية وقمَّتها القداس ، اللقاء الشخصي والأشتراك الحي بموت الفادي وقيامته .
كل هذه الأسرار والرتب والممارسات التقوية لتساعدنا على عيش سرِّ الاَلام الخلاصية وسر القيامة والفداء . كما وضعت الكنيسةالإحتفال بسرِّ العماد عشية القيامة لتعبر حسياً عن هذا البعد اللاهوتي الخلاصي و هذا التقليد بقي حتى القرن الثاني عشر.
احتفظت الكنيسة اللاتينة حتى يومنا برتبة تبريك الماء عشية القيامة رمزاً للعماد ورمزاً للتقليد التي عاشته حتى القرون الوسطى.
إذا نستنتج معاً أن هذا الأسبوع المقدس يدعونا إلى:
1- التوبة و الندامة :
إلى الوت عن خطيئتنا و العودة إلى الحياة مع التخلي عن انساننا القديم و الانفتاح على النعمة :” يا رب لو كنت هاهنا لما مات اخي ” ، ” أخي القبر يحدّثُ برحمتك وفي الهاوية بأمانتك” ( مز 88)
(الغفران الثالوثي الأبعاد بين الذات و الله و الاخر)
2- إلى الصلاة:
صلاة القلب و العمل و اللسان.
إلى الحوار و الإستسلام الكلي له من خلال سر الصليب و الألم و الرب الحي بقيامته.
“قد أعطيته بغية قلبه ولم تمنعه ملتمس شفتيه” (مز21) ، ” سألك الحياة فأعطيتهم له …”
(مز 21)
3- إلى الثقة و الثبات:
بالرغم من العواصف و الضيقات ” إن حبة الحنطة، إن لم تقع على أرض وتمت، تبقَ مفردة واذا ماتت أتت بثمار كثيرة ..”
4- إلى حمل الصليب بفرح وصمت:
متذكرين دوماً كلام بولس الرسول بأن كلمة الصليب عند الهالكين حماقة أما عندنا نحن المُخلصين بموت الرب وقيامته،فهي قوة الله…
5- المحبة الأخوية:
عيش الفضائل المسيحية وأهمها، التواضع، الخدمة ، غسل الأرجل، الانفتاح على الأخر.
6- محبة ومساندة الفقير و المهمش، المريض و العجوز…
7- المشاركة في اَلام الفادي من خلال حياتنا اليومية لنشترك معه بموته وفنستحق القيامة معه و النصر على الخطيئة و الظلام و الموت.
ومعكم إخوتي نُصلي قائلين :
“أيها المسيح الفادي ، زدنا إيماناً بِكَ ، فنزداد فهماً لسرِ اَلامك وموتك وقيامتك ، فنحيا بالروح و الحق، ونمجدك إلى الأبد “. (من صلاة أسبوع الاَلام/ ماروني)
نسجد اك أيها المسيح ونباركك لأنك بصلبك المقدس خلصت العالم.