هل المسيحيون لديهم أسلحة؟!-أشرف ناجح إبراهيم
هل المسيحيون لديهم أسلحة؟!-أشرف ناجح إبراهيم
ثمَّة سؤال يدور في أذهان ومجالس أحبائنا المسلمين (الصادقين منهم والمخدوعين والمخادعين)، وقد طُرح بقوة هذا السؤال عنه بعد “أحداث ماسبيرو” الداميّة (الأحد الموافق 9/10/2011): هل المسيحيون يملكون أسلحة؟
إنَّ الإجابة عن هذا السؤال الملّح تكاد أنْ تكون واضحة جدًا، ولا تحتاج إلى أدلة؛ وإنما دعنا نعيد الإجابة على هذا السؤال مرة أخرى ونقول: نعم، المسيحيون يملكون أسلحة! ولكن علينا أنْ نضيف شيئًا جوهريًا لنفهم محتوى هذه الإجابة الصريحة: إنَّ أسلحة المسيحيين قديمة قدم المسيحية عينها؛ وهي ليست ككّل أسلحة هذا العالم (الصواريخ والدبابات والمدرعات والرشاشات والبنادق…إلخ)؛ وهي لا تستخدم للإساءة لأحد، وإنما لتعين مَن يملكها ومَن لا يملكها؛ فهي إذن تفيد ولا تضر. وهذه الأسلحة لا تفتك بأحد أيانّ كان، وإنما ترغب في خلاص الجميع. فكيف يحملون المسيحيون أسلحة ماديّة ومسيحهم علّم وعاش المحبة والغفران حتى للأعداء؟! وعندما حاول بطرس، الذي كان أحد تلاميذه، استعمال السيف منعه من ذالك وقال له: «إغمد سيفك، فكل من يأخذ بالسيف فبالسيف يهلك» (متى 26/52)! ودعنا نلخّص الأمر في ثلاثة نقاط أساسية: الإيمان والرجاء والمحبة، الصوم والصلاة، العناية الإلهيّة والصليب.
- 1. الإيمان والرجاء والمحبة
إنَّ مسيحيّ أمس واليوم والمستقبل هم رجال ونساء الإيمان والرجاء والمحبة؛ فكذبوا كلّ مَن قالوا أنَّ المسيحيين “كافرون وبلا رجاء ويكرهون البشر”! ولخوفي مِن التطويل في الكلام لن استبرح في شرح ماهيّة الإيمان والرجاء والمحبة الساكنين في قلوب وكيان المسيحيين. لقد كانوا وسيظلوا الإيمان والرجاء والمحبة هم الأسلحة الحقيقة التي يملكونها المسيحيون ويفتخرون بإمتلاكها.
- 2. الصوم والصلاة
نحتاج إلى مجلدات عديدة للحديث عن معجزات الصوم والصلاة؛ أجل، فكم مِن معجزات وبركات يسجّلها لنا التاريخ جاءت بعد أصوام وصلوات؟! إننا كمسيحيين نفتخر بأصوام وصلوات ربنا وإلهنا يسوع المسيح التي فيها تجد أصوامنا ووصلواتنا قوتها وفاعليتها.
- 3. العناية الإلهيّة وصليب السيد المسيح
إنَّ ما يعطي أسلحة الإيمان والرجاء والمحبة وسلاحي الصوم والصلاة قوة وفعاليّة هو العنايّة الإلهيّة وصليب السيد المسيح. فتعبير “العنايّة الإلهيّة” بحق واحد مِن أجمل المفاهيم المسيحيّة؛ فكلّ شيء وكلّ شخص وكلّ مكان وكلّ زمان هم في يدّ الله المحبة وتحت رعايته القديرة. ويُقصد بالعناية الإلهيّة_ بكلمات بسيطة وعميقة_ هو أنَّ «كلّ ما هو موجود في العالم وما يحدث فيه هو موجّهة مِن قِبل محبة الآب وحكمته وقدرته لخلاص المؤمن» (اللاهوتيّ رومانو غوارديني) وخلاص البشر أجمعين. وقد وجدت العنايّة الإلهيّة في حياة السيد المسيح وأعماله وكلامه وصلبه وموته وقيامته تجسيدًا حقيقيًّا لها؛ فينما ظن العالم أنَّ صليب المسيح هو ضعف وفشل ونهايّة جاءت العنايّة الإلهيّة بالقيامة لتعلن أنَّ الكلمة الأخيرة في المسيحيّة ليست للصليب والموت، وإنما للقيامة والحياة. وهكذا فإنَّ الكلمة الأخيرة في حياة المسيحيين ومصيرهم هي للعنايّة الإلهيّة، لأنَّ صليبهم يجد معناه في صليب ربهم وإلههم يسوع المسيح.
والخلاصة التي تفرض نفسها هي أنَّ تشبيه المسيحيين بـ”معسكر” له جنوده وله أسلحته ليست إختراعًا حديثًا مِن قِبل المسلمين السلفيين وغير المعتدلين الذين يتهّمون المسيحيين بأبشع الأكاذيب والاتهامات؛ وإنما هي “صورة رمزيّة” تجد جذورها في الكتاب المقدّس وآباء الكنيسة والكتّاب المسيحيين على مرّ العصور. فالمسيحيون هم بالحقيقة جيش عظيم للقائد الأعظم السيد المسيح. وهذا الجيش يتكوّن مِن جنود انتقلوا إلى السماء وجنود لا يزالون على قيد الحياة؛ ولكن كلهم أحياء وينظرون إلى رئيس إيمانهم ومكمله يسوع المسيح. وأسلحة هذا الجيش ليست أسلحة ماديّة ككلّ الأسلحة، وإنما أسلحة الإيمان والرجاء والمحبة وسلاحيّ الصوم والصلاة وسلاحيّ العنايّة الإلهيّة وصليب السيد المسيح؛ وأعداء هذا الجيش ليسوا البشر الآدميين، وإنما الأرواح الشريرة.
وأخيرًا، إنَّ غرضي مِن عرض هذه الخواطر القصيرة هو غرض مزدوج: أنْ يكفّ المسلمون عن إتهام المسيحيين الأبرياء بالأكاذيب، وأنَّ يُعجّلوا المسيحيون في اللجوء إلى هذه الأسلحة الروحيّة الفعالة.