stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عن الكنيسة

مانع الرهبنة في الأرثوذكسية-الأب د.أيوب زكي

2.1kviews

__06

مقدمة 

الرهبنة هي حياة البتولية، والعزلة وهي أيضاً عهد يقطعه القبطي الأرثوذكسي بأن يعيش حياة الزهد والتقشف، ولا يمس امرأة ولا يملك مالاً، ويوقف ذاته لعبادة الله. ومن مقتضى ذلك أن الراهب لا يجوز له أن يتزوج لأن هناك تناقضاً بين الزواج والترهب. ويقطن الرهبان في الأديرة، المشيدة في قلب الصحراء، بعيداً عن ضوضاء العالم وضجيجه. وهناك، اليوم، نهضة وصحوة ملموسة، حيث يلتحق خيرة الشباب القبطي الأرثوذكسي بالأديرة، مفضلين حياة الزهد والنسك، تشبهاً بالسيد المسيح، له كل المجد، الذي كان يعتزل الجموع لمناجاة الله الآب. وقد قررت محكمة النقض أن الرهبنة نظام جار عند بعض الطوائف المسيحية في مصر. وقد اعترفت به الحكومة المصرية إذ اختصت الرهبان على اختلاف درجاتهم ببعض المزايا فأعفتهم من الخدمة العسكرية ومن الرسوم الجمركية، والقانون في المادة 14 من الأمر العالي الصادر في 14 مايو 1883 بترتيب اختصاصات المجلس الملي لطائفة الأقباط الأرثوذكس قد صرح بأن للرهبنة نظاماً خاصاً يجب احترامه والعمل على نفاذ الأحكام المقررة له. ومن هذه الأحكام أن كل ما يقتنيه الراهب بعد انخراطه في سلك الرهبنة يعتبر ملكاً للبيعة التي كرّس حياته لخدمتها. فالراهب يدخل الدير فقيراً مجرداً عن كل مال ليثقف ويربي وفقاً لأحكام الدين على حساب الدير، وهو راض بالنظام الكنسي القاضي بأن كل ما يصيب الراهب من رزق لا يملك فيه شيئاً بل يكون ملكاً للكنيسة”. (نقض 14 مايو 1942، نقض 31 مايو 1966). 

المانع في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية 

لم تتفق شرائع الأقباط على رأي موحد في تحديد مانع الرهبنة وقد ورد قولان لابن العسال: “الزيجة بعد الترهب قبيحة”، ومعنى ذلك أن زواج الراهب لا يُعَد باطلاً بل مكروهاً، والقول الآخر: “مَن تزوج بعد نذر البتولية فحكمه حكم من تزوج امرأتين”، والمقصود بذلك أن الزواج باطل (المجموع الصفوي لابن العسال، ص222). ويؤيد هذا القول ما ورد في الخلاصة القانونية من أن الارتباط برهبنة يجعل الزواج باطلاً (المسألة 17، ص39).

وتتحدث الخلاصة القانونية عن زيجات مكروهة لكنها مباحة: “زيجة التاركي رهبنتهم” (الخلاصة القانونية، المسألة الثامنة عشرة، ص41). وفي حديثه عن الموانع الشرعية أي الكنسية، يكتب المستشار عوني برسوم عن مانع الرهبنة في المادة 391: “الزواج براهب أو راهبة قبل الفرد والاقتطاع من الحياة النسكية”. وفي تفسيره لهذا المانع يضيف المستشار برسوم: “كذلك لا يجوز لراهب أو راهبة أن تتزوج بإنسان أيّاً كانت حالته إلا بعد الاقتطاع من سلك الرهبنة والفرد والسماح لأنه بغير ذلك يعتبر تعدياً وافتئاتاً على شرع كنيسة الله وإهداراً للكلمات التي وضعتها الكنيسة في الرهبنة” (عوني برسوم، التقنين الكنسي، القاهرة 1994، ص325).

ومن هنا نستطيع القول إن زواج الراهب ينعقد صحيحاً لكن بعد اقتطاعه من سلك الرهبنة والعودة إلى حياة العالم، والتصريح له من السلطة الكنسية بعقده حسب طقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.الترهب سبب للتطليق عند الأقباط الأرثوذكس ورد في المجموع الصفوي أن التزويج ينحلّ برهبانية أحد الزوجين معاً أو برضاهما (المجموع الصفوي، ص213)، وكذلك جاء في الخلاصة القانونية: “وإذا ترهبن الزوجان أو أحدهما برضاهما معاً انفسخ زواجهما” الخلاصة القانونية، المسألة الخامسة والعشرون، ص64). وهنا تشترط الخلاصة القانونية أن يتم الفسخ برضى الزوجين معاً، وقد قال بولس الرسول: “وأما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها. ولا يترك الرجل امرأته” (1كو 10:7-11).

ولم تقرر التشريعات الحديثة الصادرة 1938 و 1955 الرهبنة ضمن موانع الزواج ، ولكن انتقل هذا ضمن أسباب التطليق في مجموعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938، في المادة 58: “كذلك يجوز الطلاق إذا ترهبن الزوجان أو ترهبن أحدهما برضاء الآخر”. ولكن مجموعة 1955 لم تذكر هذا السبب من بين الأسباب التي تجيز التطليق على أساس الرغبة في عدم الإضرار بالزوجة التي لا تترهب، والرغبة في سدّ باب التحايل الذي قد يدفع بمن يريد التطليق إلى الاستناد إلى الرهبنة لكي يحصل على الحكم . ومن  هنا  تكون قيمة مجموعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة 1955 أنها تلقي التزاماً على الأديرة بعدم قبول ترهّب من هو مرتبط بزواج قبل التحري والتدقيق لمعرفة نيته ودوافعه الحقيقية: هل هذا الترهّب هدفه الزهد في الحياة أم أنه يخفي اتفاقاً بين الزوجين بقصد الحصول على التطليق. شروط التطليق للرهبنة إن الشرط الوحيد لطلب التطليق يكمن في أن يكون هناك ترهب حقيقي من قبل أحد الزوجين ، ومعنى الترهب أن يستوفي من يريد الانخراط في سلك الرهبنة كافة الشروط التي تتطلبها الرهبنة، وإلا فإنه لا يعتبر راهباً. ومن بين الشروط هو رضى القرين بذلك. ففي حالة عدم رضى القرين لا مجال لا لترهب ولا لتطليق، وذلك لكي لا يضار طرف بعمل انفرادي استقلّ به الطرف الآخر. واليوم، لا تعتد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالرهبنة كسبب من أسباب التطليق، إذ أن الزواج ينفسخ بخروج أحد الزوجين عن الدين المسيحي أو زنا أحد الطرفين، وبالتالي التصريح بزواج الطرف البريء.