stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عقائدية

الجماعة الإنسانية في رؤية المجمع الفاتيكاني – جرجس رؤوف

993views

mare_vitaumanaالجماعة الإنسانية في رؤية المجمع الفاتيكاني – جرجس رؤوف

الغاية التي يتوخاها المجمع:                                                                                    
خلق الله الإنسان كخليقة علائقية، اذاً لابد من وجود آخر في حياة كل إنسان، وظهر هذا بشكل كامل في خبرة الوحي والذي أشرك الله الإنسان فيه كعلاقة، من هنا ننطلق من إحترام الله لخليقته والثقة فيها، لذا تقوم علاقاتنا معاً كما أقامها الله معنا على الإحترام المتبادل لكرامة كل إنسان لأننا جميعاً من نفس المصدر وهو الله. إن التعليم الكنسي توسع بشأن الحياة المسيحية وإرتباطها بالمجتمع البشري، ويذكر منها بعض الحقائق الأساسية ويتتبع جذورها على ضوء الوحي، ثم يتوسع ويوضح أهميتها الخاصة لعالم اليوم .

الدعوة الإنسانية في تصميم الله وطابعها الجماعي:                                                               إن إرادة الله أن تكون البشرية أسرة واحدة، وهم الذين على صورته كمثاله، لأن الجميع مدعوون نحو هدف وغاية واحدة وهو الله. فالوصية الأولى أحبب الرب إلهك والقريبك، بالتالي لا يمكن الفصل بين الأثنين، وكل تعاليم الكتاب المقدس تكمن في هذه العبارة أحبب الرب إلهك وقريبك كنفسك، فالمحبة إذاً هيَ كمال الشريعة ونجد ذلك في تعاليم يسوع ” ليكن الجميع واحداّ ” يو 17 ـ 21 ، ويذكرنا بوحدة الثالوث المقدس من هنا يوضح القديس بولس في رومية أن لا ننزل شراً بالقريب، في هذا أن الإنسان لا يستطيع أن يحقق ذاته كاملاً إلا بالعطاء والخروج من الذات إلى الجميع .

إرتباط الفرد بالمجتمع:                                                                                                
إن المجتمع مكوّن من أفراد ونمو الأفراد يعني نمو المجتمع، بالتالي يجب أن يكون الفرد هو الهدف في كل مجتمع، بذلك يرتقي بما هو عليه من مواهب ويكتشف نعمة دعوته الخاصة في مجتمعه ليجد ما يناسبه وفقاً لطبيعته وتربيته وتشكيل المجتمع السياسي المحيط به، مع العلم أن هناك تأثيرات للظروف المختلفة نظراً لأن العالم متغير وفيه يندفع الإنسان إلى الشر بدل الخير، هذا نتيجة البنية الإقتصادية أو عدم العدالة الإجتماعية وأساسها كبرياء الإنسان، وإنغلاقه على ذاته فقط، وكما أشرنا إن الإنسان هو المجتمع لذا فبهذه الأبعاد السلبية يتجه معه المجتمع إلى ذلك، فدور المجتمع والفرد كلاهما واحد في مسؤوليتهم تجاه بعض.

تنمية الخير العام:                                                                                                   
إن نجاح كل مجتمع مرتبط بتنمية الخير العام، فالإهتمام بالفرد وكرامته سيعود بذلك على المجتمع ككل، وذلك في توفير ما هو أساسي للحياة الإنسانية من [ غذاء ـ مسكن ـ صحة ـ تعليم ]، ولابد من قوانين تقنن سير هذا العمل بعدالة، بهذا يتجه الخير من مستوى فردي إلى مستوى جماعي، لذلك لابد وأن تسعي القوانين لبناء حياة إنسانية كريمة، إذ هيَ لخير الإنسان وليس العكس، ونرجع لقول يسوع “خلق السبت لأجل الإنسان ولا الإنسان لأجل السبت”، ويجب على كل إنسان أن يحافظ على هذا النظام بل والدفاع عنه لتحقيق العدالة وبثها دائماً بالحب، والعمل على تنمية العقل والفكر في مشروعات لتحقيق ذلك، والله يقود كل هذه المساعي لأنها مخططه لكرامة وخير أبناءه في البشرية .

احترام الشخص الإنساني:                                                                                  
إن الإنسان هو أجمل الخلائق وعنما تتشوه هذه الخليقة يتشوه معها عالمنا، والوصية الأولى أحبب الرب إلهك مرتبطة بحب القريب تماماً مثل الله لأنه على صورته كمثاله، لذا لابد وأن تتوفر كل الضروريات لعيش حياة إنسانية كريمة، وتلازم هذا الوصية الإنسان من طفولته وحتى موته، ووصل به الحد إلى أنه أخذ تشوهنا، بل وربطه بذاته “كل ما فعلتم لأحد من أخوتي الصغار فلي قد فعلتموه”، فكل ما هو غير مناسب لله غير مناسب للإنسان، وكل ضرر تجاه الإنسان يفسد الحضارة والحياة وتمس الخالق لأننا صورته كمثاله خلقنا.

إحترام الخصوم ومحبتهم:                                                                                          
إن الإختلاف غنى ونعمة من الخالق بها نكمل معه عملية الخلق، لأن إختلافنا في الرأي وأي أمور أخري تعطي للحياة صبغة جديدة، وعليه فإن الحوار المفتوح والمتبادل يبيّن هذه النعمة، وايضاً البحث معاً عن ما هو حقيقي، وهذا ما فعله التلاميذ وبشروا به، فالحوار يساعدنا على التمييز بين ما هو خير وضلال، وأيضاً يجعلنا أن نتفهم حدود بعضنا البعض وأننا كلنا تحت هذه الوطأة، وأن الله وحده يعرف ما في عمق أنفسنا، وتعاليم يسوع عن الغفران توسع دائرة وصية الحب بحيث تشمل الأعداء ” أحبوا أعدائكم ” وبالتالي يجد الإنسان كرامته ككيان وخليقة خاصة بقدرته على الغفران .

المساواة الاساسية بين جميع البشر والعدالة الإجتماعية:                                                      
إن جميع البشر لهم طبيعة واحدة وكلهم مفتدين من المسيح، وكلاً منا له مواهبه المختلفة عن الآخر، وكرامتنا تنضج أكثر عندما تعتمد على هذه الطبيعة الواحدة والأصل الواحد بعيد عن التمييز كاللون والجنس والمعتقد…إلخ . إن الفوارق الإجتماعية الكبيرة بين المجتمعات سواء إجتماعياً وإقتصادياً تؤدي إلى الشكوك وتحول دون تحقيق العدالة والمساواة وبالتالي كرامة الإنسان،فعلى المنظمات أن تأخذ بجدية هذه الصعوبات  وتناضل لتحد من الإستعباد والظلم، وأيضاً الأخذ على عاتقها حقوق الإنسان الأساسية والتجاوب مع الحقائق الروحية وهيَ الأكثر سمواً .

ضرورة تجاوز النظرة الفردية للأخلاق:                                                                          
إن الإنسان كخليقة علائقية لابد وأن يعي دوره في المجتمع وأن له مسؤولية إتجاهه، وليس مقتصراً على ذاته فقط، فإذا ساهم بإمكانياته ومواهبه وأيضاً بمسؤوليته تجاه المجتمع وذلك من خلال إحترام لقواعد اللوائح الإجتماعية من قوانين خاصة بالضرائب والمرور والمديونيات العامة، فهذا يساهم على نشر ثقافة التضامن والسعي اليه من خلال مفهوم الخير العام، بالتالي يأخذ الإنسان مع الوقت مسؤولية أكبر وهي تجاه العالم أجمع إنطلاقاً من عالمه الصغير لأن كل ما هو ضار للمجتمع هو ضار له، وكل ما هو ضار له ضار للمجتمع.

المسؤولية والمشاركة: 
إن التربية والتكوين الإنساني شيء أساسي أي كان وضع الإنسان الإجتماعي، ومن المهم أن نبني أشخاصاً راسخة متينة على المستوى الثقافي والإنساني، كي يواجهوا صعوبات الحياة بقوة، لأنه من الصعب أن يعي الإنسان مسؤوليته وهو مفتقد لكرامته الإنسانية، فلابد من وجود أشخاص متينة تفهم معنى الحرية كي لا يصاب بالتراخي ويصبح على مستوى الأيدلوجيات فقط، بل بمقتضى التكوين الإنساني والثقافي والديني أيضاً يتحمل الفرد التبعيات التي يفرضها عليه التضامن وأن يجد فيه معنى لما يعيشه مع ذاته والآخرين.  من أجل هذايحثنا المجمع على المشاركة في المشاريع الإجتماعية العامة،ويثني على الجمعيات والهيئات التي تسمح لعدد من المواطنين للمساهمة في ذلك في إطار من الديموقراطية والحوار المستمر، مع الوعي لظروف كل بلد، وإحتياجاتها لنوع من الحزم لتوضيح الخط العام، ويشجع أيضاً المجمع كل فئات المجتمع للمشاركة في خدمة جنسنا البشري، من هنا نهييء للأجيال القادمة أرضية راسخة للعمل بجدية وبحب.

الكلمة المتجسدة والتضامن الإنساني:                                                                           
خلق الله البشر ليتحدوا معاً، وأختار له شعباً ليس تفضيلاً لفئة بل ليمثلوا جماعة البشر، وأعلن لهم تدبيره الإلهي ودعاهم شعبه ومعهم أخذ عهداً، وكمل هذا الإتحاد مع ابنه يسوع الذي تضامن مع البشر في أفراحهم وآلامهم، وايضاً بالعلاقة مع الخطأة والجباة، ووضح قيمة الحياة اليومية العادية، وقدس الروابط البشرية كمصدر مهم للحياة الجماعية، وإحترامه لقوانين وطنه، تعاليمه ركزت على بُعد الأخوّة وأننا كلنا أبناء الله، وذلك في صلاته ” ليكونوا واحداً “، وذهب لأبعد من ذلك فمات عن الجميع، وأمر تلاميذه أن يعلنوا البشري لتكون أسرة واحدة تكتمل في المحبة، ولأنه بكر لأخوة كثيرين، أنشأ بعد موته شركة أخوية تقبل الجميع على ضوء تعاليمه، وهذا بالإيمان والمحبة داخل الكنيسة، ويجب أن نتمسك بهذا التضامن بإستمرار حتى النهاية لننضم إلى أسرة الله بيسوع أخينا.

ملخص دستور رعوي [ الحياة الإنسانية ] من رقم 23  إلى رقم 32 .