القراءات اليومية بحسب الطقس الماروني” 28 أكتوبر – تشرين الثاني 2019 “
الاثنين من الأسبوع السابع بعد عيد الصليب
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس 13-1:10
يا إِخوَتِي، لا أُريدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَنَّ آبَاءَنَا كَانُوا كُلُّهُم تَحْتَ الغَمَام، وعَبَرُوا كُلُّهُم في البَحْر،
وتَعَمَّدُوا كُلُّهُم بِمُوسَى في الغَمَامِ وفي البَحْر،
وتَنَاوَلُوا كُلُّهُم طَعَامًا رُوحِيًّا وَاحِدًا،
وشَرِبُوا كُلُّهُم شَرَابًا رُوحِيًّا وَاحِدًا، لأَنَّهُم كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ كَانَتْ تُرَافِقُهُم، وتِلْكَ الصَّخْرَةُ كَانَتِ المَسِيح.
ومعَ ذَلِكَ لَمْ يَرْضَ اللهُ عَنْ أَكْثَرِهِم، فَصُرِعُوا في البَرِّيَّة.
وإِنَّمَا حَدَثَتْ تِلْكَ الأُمُورُ لِتَكُونَ مِثَالاً لَنَا، لِئَلاَّ نَشْتَهِيَ الشُّرُورَ كَمَا ٱشْتَهَى أُولئِكَ.
فَلا تَصِيرُوا عَابِدِينَ لِلأَوْثَانِ كَمَا كَانَ بَعْضُهُم، عَلى مَا هوَ مَكْتُوب: «جَلَسَ الشَّعْبُ يَأْكُلُونَ ويَشْرَبُون، ثُمَّ قَامُوا يَلْعَبُون».
ولا نَسْتَسْلِمْ لِلفُجُورِ كَمَا ٱسْتَسْلَمَ بَعْضُهُم، فَسَقَطَ مِنْهُم في يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاثَةٌ وعِشْرُونَ أَلْفًا.
ولا نُجَرِّبَنَّ الرَّبَّ كَمَا جَرَّبَهُ بَعْضُهُم، فأَهْلَكَتْهُمُ ٱلحَيَّات.
ولا تتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ بَعْضُهُم، فأَهْلَكَهُمُ ٱلمُهْلِك.
وإِنَّمَا حَدَثَتْ تِلْكَ الأُمُورُ لِتَكُونَ عِبْرَةً، وكُتِبَتْ إِنْذَارًا لَنَا، نَحْنُ الَّذِينَ بَلَغَتْ إَلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُور.
إِذًا فالَّذي يَظُنُّ أَنَّهُ وَاقِفٌ فَلْيَحْذَرِ السُّقُوط.
مَا أَصَابَتْكُم تَجْرِبَةٌ إِلاَّ وكَانَتْ في وُسْعِ البَشَر. وأَمينٌ هُوَ الله، فَلَنْ يَسْمَحَ أَنْ تُجَرَّبُوا فَوْقَ مَا تُطيقُون، بَلْ يَجْعَلُ معَ التَّجْرِبَةِ مَخْرَجًا، لِتَسْتَطيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوهَا.
إنجيل القدّيس متّى 46-44:13
قالَ الربُّ يَسوع: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاواتِ كَنْزًا مُخْفًى في حَقْل، وَجَدَهُ رَجُلٌ فَخَبَّأَهُ، ومِنْ فَرَحِهِ مَضَى وبَاعَ كُلَّ مَا لَهُ وٱشْتَرَى ذلِكَ الحَقْل.
وأَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ رَجُلاً تَاجِرًا يَبْحَثُ عَنْ لآلِئَ كرِيْمَة.
ومَا إِنْ وجَدَ لُؤْلُؤَةً ثَمِيْنَةً جِدًّا حَتَّى مَضَى فَبَاعَ كُلَّ مَا لَهُ وٱشْتَراهَا.
التعليق الكتابي :
القدّيس بونافَنتورا (1221 – 1274)، راهب فرنسيسيّ وملفان الكنيسة
حياة القدّيس فرنسيس، الفصل 7
« مَثَلُ مَلَكوتِ ٱلسَّمَوات، كَمَثَلِ كَنزٍ دُفِنَ في حَقل »
من بين المواهب الروحيّة الّتي نتلقّاها من كَرَم الله، حصل فرنسيس بشكل خاص على موهبة الاستمرار في إغناء كنز بساطته بفضل حبّه للفقر الكبير. بعد أن رأى أنّ تلك [البساطة] التي كانت الرفيقة الدّائمة لابن الله أصبحت محطّ نفور شامل، قرّر الزواج بها وتكريس حبّه الأبدي لها. فهو لم يكتفِ “بترك أبيه وأمه من أجلها” (راجع تك 2: 24)، بل وزّع للفقراء كلّ ما كان يمتلكه (مت 19: 21). لم يحتفظ أحد بماله بالحرص الذي حافظ فيه فرنسيس على فقره؛ لم يراقب أحد يومًا كنزه بعناية أكثر من العناية التي كرّسها للمحافظة على تلك اللؤلؤة التي تكلّم عنها الإنجيل.
لم يكن أيّ أمر يؤذيه أكثر من رؤية شيء لا يتطابق مع فقر رجال الدين عند إخوته. منذ بداية حياته الرهبانيّة حتّى مماته، لم يكن يمتلك ثروة سوى ثوبه الرهباني وحبل كحزام وجوارب داخلية؛ هو لم يكن يحتاج إلى أيّ شيء آخر. غالبًا ما كان يفكّر باكيًا بفقرالرّب يسوع المسيح وأمّه: “كان يقول: لهذا السبب يعتبر الفقر ملك الفضائل؛ هذا بسبب البهاء الذي أشعّ فيه عند ملك الملوك (راجع 1تم 6: 15) والملكة أمّه”.
حين سأله الإخوة ذات يوم ما هي الفضيلة التي تجعلنا أصدقاء أكثر مع الرّب يسوع المسيح، أجاب فاتحًا لهم سرّ قلبه: “أيّها الإخوة، اعلموا بأنّ الفقر الرُّوحي هو الدرب المميّز للخلاص لأنّه عصارة التواضع وجذور الكمال؛ ثماره متعدّدة رغم أنّها مخفيّة. إنّه هذا الكنز المخفي في حقل، وكما ذكر الإنجيل، يتطلّب شراؤه بيع كلّ شيء في حين أنّ قيمته يجب أن تدفعنا إلى احتقار كلّ شيء”.