stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

الكاردينال ساندري: مريم قد استقبلت كلمة الحياة وحبلت بها لأنّ حياتها بأسرها كانت موجّهة إلى الله

1.2kviews

7 ديسمبر 2019

نقلا عن الفاتيكان نيوز

في مريم العذراء نرى صورة التلميذ الذي لا يُكثر الكلام ولا يطلب الرب بشفاهه وحسب وإنما يبني بيته على صخرة أمانة الله: هذا ما قاله في عظته عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري مترئسًا القداس الإلهي عصر الخميس في بازيليك Santi Apostoli في روما

في إطار الاحتفال بتساعية الاستعداد لعيد العذراء مريم سيّدة الحبل بلا دنس ترأس عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري القداس الإلهي عصر الخميس في بازيليك Santi Apostoli في روما وللمناسبة ألقى الكاردينال ساندري عظة قال فيها يتكرر هذه السنة أيضا يوم الشرقيين داخل تساعية الاستعداد لعيد العذراء مريم سيّدة الحبل بلا دنس التقليدية: أبناء وبنات الشرق الكاثوليك الحاضرين في روما للدراسة والرسالة يأتون ليكرموا والدة الله الكلية القداسة مريم العذراء ويلتزموا أمامها بتجديد مسيرة التتلمذ لابنها يسوع من خلال تصرفات توبة وارتداد مقدّمين شهادة إيمان مُمتحن ـ وأحيانًا وصولاً حتى الاستشهاد ـ في بلدانهم والمناطق التي قدموا منها. يأتون من الشرق الأوسط مصر ولبنان وسوريا والعراق والأردن وفلسطين وإسرائيل؛ ومن أفريقيا من أثيوبيا وإيريتريا ومن أوروبا الوسطى والشرقية من رومانيا وهنغاريا ومقدونيا الشمالية وبولندا وأوكرانيا، ومن الهند ومن بعض أبرشيات الشتات. لم يأتوا إلى روما لكي يصبحوا عظماء بحسب العالم وإنما بحثًا عن العظمة التي تميّزت فيها عذراء الناصرة مريم الكلية القداسة أي لكي يسمحوا لله أن يقودهم في بُعد إصغاء وتسليم كامل. كما ترمز إحدى لوحات كابلة أم الفادي في القصر الرسولي بالفاتيكان حيث نتأمّل ملاك الرب يلمس أذن مريم في لحظة البشارة، بحسب تقليد القديس أفرام السرياني والآباء الشرقيين: فهي قد استقبلت كلمة الحياة وحبلت بها لأنّ حياتها بأسرها كانت موجّهة إلى الله، في إصغاء كامل ومتواضع، بدون أن تحتفظ بشيء لنفسها وبطاعة الابنة النقية القلب الذي حُفظ من الخطيئة.

تابع عميد مجمع الكنائس الشرقية يقول في الشرق كما في الغرب نحن لسنا بحاجة في الكنيسة وخارجها لأشخاص يصبحون عظماء من خلال استعمالهم للآخرين وسحقهم: إن مدينتهم التي ترفع نفسها بكبرياء من يستضعف ويظلم مصيرها السقوط والانحلال كما قال لنا النبي أشعيا في القراءة الأولى: “لقد خفض الساكنين في العلاء وحطّ المدينة الشامخة، حطّها إلى الأرض وألصقها بالتراب، فتطأها القدم، قَدَما البائس، خطوات المسكين”. في هذه الكلمات أيضًا نجد كلمات مريم في نشيدها تعظّم نفسي الرب: “حطّ المقتدرين عن الكراسي ورفع المتواضعين… لقد نظر إلى تواضع أمته”. نريد أن نتأمّل بخوف ورجاء بتوق الحرية والعدالة والمساواة الاجتماعية والمواطنية الحقيقية التي تُشعل طرقات وساحات العراق ولبنان، حيث قد تمّ إراقة الدم أيضًا في بعض الحالات: نصلّي لكي تبقى هذه الحركات حقيقية في تعبيرها وطلباتها بدون أي تلاعبات داخليّة أو قوى دولية يمكنها أن تستفيد من عدم الاستقرار هذا لكي تحقق مصالحها وأهدافها على حساب الفقراء والصغار في هذه البلدان. ولكي لا يحصل هذا الأمر نصلّي من أجل إخوتنا وأخواتنا تلاميذ المسيح ولاسيما عند التجارب كما فعل الكثيرون عبر العصور إذ تذكروا واحتفلوا بالمسيح الرب والصخرة الأبدية التي يمكننا أن نستند عليها لكي ننال السلام: “أيها الثابت الأفكار: إنّك ترعى السلام، السلام لأنّا عليك توكّلنا”.

أضاف الكاردينال ليوناردو ساندري يقول إنجيل اليوم هو الصفحة التي تختتم عظة الجبل التي تبدأ بالتطويبات: عندما رأى الرب يسوع الجموع، صعد إلى الجبل، ودعا إليه تلاميذه وشرع يعلّمهم معلنًا تلك الصفحة التي يصفها البعض بأنها “شرعة” المسيحي. إن التأمل في مختلف التطويبات يساعدنا لكي نقرأ فيها حياة ابن الله، الكلمة الذي صار جسدًا، وكذلك أيضًا خطاب إنجيل متى عندما يسلمنا يسوع صلاة المسيحي، صلاة الأبانا التي تنبع من خبرة الثقة الكاملة في الآب على مثال يسوع لدرجة أنها جذبت التلاميذ ليسألوه: “يا معلّم، علمنا أن نصلّي”. إن العذراء في الإنجيل لا تتكلم كثيرًا وبالرغم من ذلك هي الخليقة البشرية المحببة من الله والقادرة على أن تسمح لكلمة الله أن يقيم فيها وأن تلد المسيح. في جسدها البشري الذي حلّ فيه الروح القدس تقيم النعمة الخاصة لحياة موجّهة نحو الابن: إنّه موقف الأمومة البشرية، ولكنّه يجد في مريم بُعدًا مميّزًا، لأنها تبقى في الكنيسة، بحسب وعد يسوع، لكي تُرشدنا إليه هو وحده خلاص الجنس البشري. إنَّ حياة البنوة المفتداة تسطع في أمِّ الله، ونشيدها يستبق محتوى التطويبات التي قد عاشتها هي أيضًا، وكذلك الصلاة في استسلام كامل للآب، والمغفرة تجاه الذين سببوا الأذى لابنها ولها كما أعلن لها سمعان الشيخ: “وأنتِ سينفذ سيفٌ في نفسِكِ”. في مريم العذراء نرى صورة التلميذ الذي لا يُكثر الكلام ولا يطلب الرب بشفاهه وحسب وإنما يبني بيته على صخرة أمانة الله.

وختم عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري عظته بالقول بالنظر إلى مريم وطلب شفاعتها يبقى لنا السؤال حول قدرتنا في الإصغاء بصمت لكلمة الرب، والرغبة الصادقة في البحث عن مشيئته وليس عن تحقيقنا الذاتي، وحول الصخرة التي ينبغي علينا أن نضع أرجلنا عليها لكي نسير قدمًا واثقين على درب الخلاص. من الممكن أن نجيب بفرح وشموليّة على المسيح: بعد مرور شهر تقريبًا على موته قتلاً، نريد أن نتذكّر ابن الكنائس الكاثوليكية الشرقية الكاهن الأرمني هوسيب بيدويان الذي قُتل مع أبيه في سوريا: في الدم الذي سفكاه أكّدا لنا أنهما قد بنيا بيتهما على الصخرة التي هي المسيح. نذكر معهما إخوتنا وأخواتنا في العالم الذين لا يزالون اليوم أيضًا يقدّمون شهادتهم للرب ولإيماننا الذي غالبًا ما يكون فاترًا. ليدفع ألم إخوتنا هولاء جميع الذين يشغلون مناصب مسؤولية على صعيد سياسي وتربوي وديني لكي يعززوا ذلك اللقاء المتبادل ومسيرة الأخوّة الإنسانية التي دعانا إليها قداسة البابا فرنسيس من خلال توقيعه لإعلان أبو ظبي في شباط فبراير الماضي. وإذ نتّحد بدعوة الكاردينال نائب أبرشية روما نرفع منذ الآن صلاتنا إلى العذراء على نيّة قداسة البابا فرنسيس الذي سيحتفل في الثالث عشر من كانون الأول الجاري بذكرى خمسين سنة على سيامته الكهنوتية. ليحفظه الرب ويحرسه ولتضعه العذراء مريم سيّدة الحبل بلا دنس على الدوام تحت حمايتها الوالدية.