stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أدبية

السنة الدولية للأسرة- الأب د./ رمزي نعمة

829views

jpg_01

أولاً: ما هي السنة الدولية للأسرة؟ 
الإعلان: اعتادت هيئة الأمم المتحدة أن تعلن وتكرّس سنة معينة عن موضوع معين: على سبيل المثال “سنة الشبيبة”، “سنة المرأة”، “سنة الطفل” الخ… وفي اجتماعها العام بتاريخ 8 ديسمبر 1989 اعلنت سنة 1994 “السنة الدولية للأسرة” تحت عنوان “ا
لأسرة: منابعها ومسؤولياتها في عالم متغير” وبكون الكنيسة جزء من المجتمع الدولي وتتعاون من أجل كل ما فيه خير هذا المجتمع، فقد اعلنت هي بدورها سنة 1994 سنة أسرة في المجال الكنسي والديني. 
التعريف: سنة الأسرة هي فترة من الزمن تُكرّس للتفكير والدراسة والعمل والصلاة حول موضوع الأسرة من قِبل جميع أفراد المجتمع بهدف التوعية والتجدد والعودة إلى الينابيع واكتشاف مختلف المسؤوليات في الأسرة لانطلاقة جديدة نحو مستقبل أفضل. 
ثانياً: لماذا سنة الأسرة؟ 
لا شك أن الركيزة الأساسية للمجتمع والكنيسة هي الأسرة، لذا فإنها تحتاج إلى عناية واهتمام خاصين. ولم تتوقف الكنيسة منذ تأسيسها عن العناية بالأسرة ورعايتها. وتعاليم الكنيسة حول الأسرة والزواج غنية جداً، ورفيعةُ هي المكانة التي تعطيها الكنيسة لهذا الجزء الهام من المجتمع: في عام 1980 انعقد سينودساً للأساقفة في روما وتناول موضوع “الأسرة المسيحية في عالم اليوم” وكنتيجة لذلك المجمع أصدر قداسة البابا يوحنا بولس الثاني رسالة هامة تحت عنوان: “في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم” تطرق فيها إلى قصد الله من الزواج والعائلة وإلى دور العائلة المسيحية في مجتمع اليوم لا سيما في مجال التربية، كما ركّز على العناية الراعوية بالعائلة. وفي البند 86 من هذه الرسالة يقول قداسة البابا “إنّ مستقبل البشرية يتوقف على العائلة”

ويتابع قداسته تعاليمه معتبراً أنه من واجب كل إنسان ذي إرادة صالحة ومن واجب أبناء الكنيسة بشكل خاص  أن يحافظوا على ما للعائلة من قيم سامية ومتطلبات وأن يعملوا على تطويرها. ونعلم جيّداً أنّ العائلة هي المكان الفريد والمميز الذي فيه ينمو الإنسان ومن خلاله تنتقل القيم ويُربى الضمير ويتعلم الإنسان احترام أخيه الإنسان ويتدرب على الحب المتبادل والمسامحة والعطاء. فليس بالكثير أن تكرّس سنة للتفكير والبحث فيما هو خير للأسرة. ثالثاً: ما هي الأسرة؟ قبل التوجه إلى مختلف الاختصاصات من العلم والعلماء للاستفسار عما هي الأسرة، يجب العودة إلى الكتاب المقدس والتمعّن في الحقائق التالية:
– عندما خلق الله الإنسان الأول، كوّن أسرة. – عندما تجسّد ابن الله أصبح ابن أسرة وأراد أن يعيش ويُحتضن في أسرة.
– عندما بدأ السيد المسيح رسالته العلنية بدأها بالمشاركة في احتفال أسري في عرس قانا الجليل. لنبحث الآن عن المعاني المتعددة لمفهوم الأسرة: الأسرة النواتية: هي الخلية الصغيرة التي تتكون من الأب والأم والأولاد. وفي رسالته العامة “السنة المئة” يعرّف قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الأسرة كالتالي: “الأسرة هي الخلية الأساسية الأولى للبيئة البشرية” فيها يتلقى الإنسان أولى المبادئ الحاسمة المتصلة بالحق والخير ويتعلم معنى الحب، حبه للآخرين وحبّ الآخرين له… نفكر هنا بالأسرة المبنية على الزواج… لابدّ من العودة إلى اعتبار الأسرة قدس أقداس الحياة. (رقم39). ضمن الأسرة النواتية توجد الأسرة المسيحية. فالأسرة المسيحية جزء لا يتجزأ من المجتمع الإنساني، إلا أن لها دوراً خاصاً في تاريخ الخلاص وفي مخطط العناية الإلهية. فالأسرة المسيحية هي تلك التي تعود في تفكيرها وأحكامها وتقييمها للأمور إلى شخص السيد المسيح، وتحاول السلوك بحسب مباديء الإنجيل المقدس، إضافة إلى انتمائها إلى الجماعة المسيحية. وهنا تكمن خصوصيتها. فالعودة إلى يسوع المسيح لا تُخرج المسيحي من إطار الإنسانية. بل ترتقي به إلى أسمى ما فيه وفيها، لأن المسيح متجسد تجسداً كاملاً في صلب الإنسانية، وهو بمثابة الذروة في تاريخنا البشري. لذا كانت قيم الأسرة المسيحية قيماً إنسانية أولاً، ومن ثمّ مسيحية. 
الأسرة الكبيرة: وهي التي تتكون من العائلة الكبيرة وتضم الأقارب والأهل على مختلف الدرجات. ومازال لهذه الأسرة الكبيرة دور في الحياة العائلية، وهذا الدور إيجابي من زاويى الحماية والسند وتبادل الآراء والدعم المعنوي والمادي والانتماء العائلي. وقد يكون دور العائلة الكبيرة سلبياً في حياة العائلة النواتية من زاوية الحرية والاتجاه المهني والسكن والخيارات (العائلية والمهنية والزواجية). الأسرة الوطنية: وهي التي تتكون من أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن القرابة الدموية أو عن العرق واللون والدين. فالكل يشترك في المصير الواحد. الأسرة الدولية: وهي الأسرة البشرية بغض النظر عن الحدود الجغرافية. وهي لا تتوقف على مفهوم الوطن الضيق، بل إن كل ما هو خير للبشرية هو خير لها. 

الأسرة الثالوثية: إنّ سرّ الثالوث الأقدس الذي هو عقيدة خاصة في الديانة المسيحية، يعلمنا أنه يوجد إله واحد جوهر واحد وطبيعة واحدة في ثلاثة أقانيم. إله حي، هو في طبيعته تبادل، علاقة، حوار، محبة، تناسق، عائلة، جماعة. هذا “الإله- العائلة- الجماعة” خلق على صورته “إنساناً- عائلة- مجتمعاً” فالرجل والمرأة هما معاً وبالتساوي على صورة الله. الأسرة الكنسية: بعد أن صعد إلى السماء أراد السيد المسيح أن يكمل رسالته من خلال الكنيسة. فأسس كنيسته وكان همه الأول والأخير أن تكون “رعية واحدة” على مثال أسرة الثالوث “ليكونوا واحداً كما نحن واحداُ” أي جماعة متحدة وأسرة متحدة. كلنا يعلم أن الإنسان يُصبح بالمعمودية ابناً لله. فبكوننا نصبح أبناء فإننا جميعاً أخوة للآب الواحد الذي هون الله والأم الواحدة التي هي الكنيسة. فالكنيسة هي الأسرة الكبرى التي تضمن جميع المعمدين وهي لا تريد خلاص هؤلاء فحسب بل خلاص جميع البشر أيضاً. 

الأسرة “كنيسة بيتية”: الزواج المسيحي لا يكمن فقط في العطاء المتبادل بين رجل وامرأة، إنه أيضاً عطاء وتكريس الزوجين للمسيح، من الآن فصاعداً المسيح موجود في الزوجين اللذين قد انفتحا على المسيح بعطائهما ذواتهما الواحد للآخر. بهذا المعنى يدعو القديس يوحنا الذهبي الفم الزوجين “كنيسة مصغرة”. يتحقق هذا الحضور في الواقع عندما يجتمع إثنان أو ثلاثة باسم المسيح (مت20:18)، ولكن يوجد لدى الزوجين حضور أكثر وأفضل: هنالك عهد بين المسيح والأسرة. إن الزواج المسيحي هو رمز الحب القائم بين المسيح والكنيسة. كتب القديس بولس إلى أهل أفسس بهذا الصدد يقول: “أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وجاد بنفسه من أجلها” (20:5). ومن ثم يستشهد بسفر التكوين الذي عليه يرتكز سر الزواج “ولذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويلزم امرأته فيصير الإثنان جسداً واحداً” (أف31:5). تعليم الكنيسة رائع حول هذا الموضوع، فهي تعلّم بأنه في اليوم الذي يتم فيه زواج مسيحي في الكنيسة الكبرى، في ذلك اليوم بالذات تولد “كنيسة صغيرة” “كنيسة بيتيه”. فقد جاء في المجمع المسكوني ما يلي: “وبقوة سر الزواج الذي يؤهلهم ليرمزوا عن سر الوحدة والحب والخصب المتبادل بين المسيح والكنيسة ويشتركون فيه (أف 32:5) يتعاون الأزواج المسيحيون على تقديس الحياة الزوجية بتقبلهم الأولاد وتربيتهم. ولهم في حالتهم هذه وعلى مستواهم المواهب الخاصة في شعب الله (1كور7:7). وعن اتحادهم تنبثق العائلة حيث يولد أعضاء المجتمع البشري الجدد الذين يصبحون بالعماد وبنعمة الروح القدس أبناء الله، وهكذا يدوم شعب الله على مدى الدهور. ففي هذا البيت الذي هو شبه كنيسة، على الوالدين أن يكونا لأولادهما، بالقول والمثل، مبشري الإيمان الآولين، وذلك خدمة لدعوة كل منهما الخاصة، وبنوع أخص للدعوة المقدسة”. (دستور عقائدي في الكنيسة 11).

وفي هذا المضمار كتب البابا يوحنا بولس الثاني: “وتظهر العائلة المسيحية الشركة الكنسية وتحققها، ولهذا يمكن ويجب أن تدعى “كنيسة منزلية” (في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم، 21). إذاً ما معنى هذه العبارة التي وردت في تعاليم آباء الكنيسة وبابواتها، الأسرة، الأسرة: “كنيسة بيتية” “كنيسة منزلية”، “كنيسة مصغرة”، “شبه كنيسة”. الأسرة هي خلية كنسية، أي تعيش حياة الكنيسة: وظيفة الخلية الصغرى كوظيفة الكنيسة بأسرها ورسالة الكنيسة المصغرة هي مشاركة الكنيسة الكبرى في رسالتها. وللكنيسة رسالة نبوية ورسالة كهنوتية، فمطلوب إذاً أن تقوم الكنيسة المصغرة هي أيضاً بهاتين الرسالتين:

 أ- رسالة نبوية: المقصود بهذه العبارة رسالة التبشير. إن أول رسالة للأسرة هي أن تحمل نعمة وخلاص محبة المسيح إلى أعضائها، الزوج للزوجة والزوجة للزوج والوالدين إلى أبنائهم والأبناء إلى البنين والأسرة بكاملها تحمل بدورها هذا الحب إلى باقي الأسر. والأسرة ككنيسة بيتية مدعوّة لأن تكون واعية لرسالتها الأساسية ألا وهي أنها المساحة التي فيها يُبشر بالإنجيل ومنها ينطلق إلى الآخرين. لقد كتب البابا بولس السادس في رسالته “بشأن البشارة بالإنجيل في عالم العصر”: “وفي إطار رسالة البشارة بالإنجيل التي يقوم بها العلمانيون، لا يمكنا إلا أن نستدعي الانتباه إلى نشاط البشارة القائم على الأسرة. وقد استحق هذا النشاط بجدارة، في مراحل مختلفة من التاريخ هذه التسمية الجميلة: “الكنيسة المنزلية” (رقم71). وكتب البابا يوحنا بولس الثاني بدوره في رسالته “في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم”: “إن مستقبل التبشير بالإنجيل، على ما أورد المجمع مجدّداً بالاستناد على ما أعلناه في خطابنا في مدينة بوابلا، يتوقف على حدٍ كبير على الكنيسة المنزلية” (رقم52). إذا ما عدنا إلى الرمز الذي يقدمه القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس فإن عبارة الأسرة “كنيسة بيتية” تعني إنه على الزوج والأب أن يقوم بدور المسيح وعلى الزوجة والأم أن تعكس أمومة الكنيسة. وإذا ما اقتدى كل من الأب والأم بالمسيح والكنيسة يستطيعان معاص توجيه حبهما نحو الأولاد. ويصير مثلهما في حبهما المتبادل بسخاء وعطاء كافياً لتقديم شهادة صادقة بالإيمان المسيحي. لا يحتاج الأبناء إلى كلمات بقدر ما يحتاجون إلى شهادة صادقة للحب المتبادل بين الوالدين. أن تكون العائلة “كنيسة بيتية” ذلك يعني أن تعيش العائلة محبة وفرح الكنيسة المبنية على أساس العبادة الإلهية. 
ب- رسالة كهنوتية: المقصود بهذه العبارة هو رسالة التقديس. إن أهم رسالة تقع على عاتق الكنيسة هي رسالة تقديس أبنائها من خلال عبادة الله. تلد الكنيسة أبناء جدداً بواسطة العماد المقدس وترافقهم في مسيرتهم الأرضية بغية الوصول يوماً إلى الاتحاد به تعالى. هكذا فإن وظيفة ورسالة الزوجين في إيلاد البنين لا تفهم إلا في ضوء وظيفة العبادة هذه. إن هدف الخصب الرئيسي في أسرة مسيحية ينبغي أن يكون على أقل تقدير إيلاد وتربية “عبّاد بالروح والحق” لتستمر عبادة الله الحق على الأرض. المسيح هو الكاهن الأول، إنه الحبر المأخوذ من الناس (عب 1:5-5) الذي جعل من الشعب الجديد “ملكوتاً وكهنة لله أبيه” (رؤ6:1؛ 9:5-10) ومهمة المسيح الكاهن هي تقديس الناس إذ قرّب نفسه ذبيحة من أجل تقديس الجنس البشري… وبعد أن قام من بين الأموات وصعد إلى السماء ترك مهمة التقديس للكنيسة عروسته المحبوبة ووضع بين يديها كنزاً لا يُثمّن: الأسرار السبعة. فمنذ تلك اللحظة وحتى أيامنا هذه يخلص السيد المسيح البشر ويغفر لهم خطاياهم ويقدسهم من خلال الأسرار المقدسة التي سلمها للكنيسة. هذا شيء رائع لأن الزواج هو أيضاً هو سر من هذه الأسرار. فبجانب سر المعمودية الذي يجعل من الطفل خليقة جديدة وابناً لله نجد سر التثبيت الذي يمنح الروح القدس وسر الإفخارستيا الذي يجدد ذبيحة الصليب ويمنحنا جسد المسيح ودمه كطعام وغذاء لنفوسنا هذا بجانب سر التوبة الذي يغسل خطايانا وسر الكهنوت المقدس الذي يحوّل إنساناً عادياً إلى مسيح آخر، بالإضافة إلى هذه الأسرار نجد أيضاً سر الزواج “إنه لسر عظيم، يقول بولس الرسول، وأعني به سر المسيح والكنيسة” (أف32:5). ولكن الذي يجعل هذا السر يختلف عن غيره هو خادم السر، فالذي يمنح السر عادة هو الأسقف أو الكاهن. أما في سر الزواج، فدور الكاهن هو تأمين حضور الكنيسة التي تُظهر هبة يسوع المسيح المجانية. ومن جهة أخرى فالكاهن بصفته علامة لوحدة الجماعة المؤمنة يُذكّر بأن كل احتفال بالأسرار هو دائماً ظاهراً وباطناً سر الجماعة. أما الذي يمنح السر فهو الزوج لزوجته والزوجة لزوجها. لا شك إنه لا يمكن للإنسان يختلس رسالة وإنما يتقبلها من الله. لذا ليس المقصود أن الزوجين هما اللذان ينصبان ذواتهما أوصياء على السر، لكن ذلك يعني إنهما بقبولهما لبعضهما لبعض إنما يحققان عهد الحب الذي هو هبة مجانية من الله. وبمنح السر يعطي الله نعمة وبالتالي يتقدس الإنسان، وهنا في سر الزواج، في اللحظة التي يقبل فيها كل منهما الآخر، فإنهما يمنحان السر كل وحد للآخر وهكذا الزوج يقدس الزوجة والزوجة تقدس الزوج. إنه عمل كهنوتي فيه يقدسان بعضهما وبالتالي يتقدس الأبناء.

هذا ما يعلمه المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني: “إن الأولاد وجميع الذين يعيشون في الإطار العائلي، يكتسبون بسهولة متزايدة عواطف إنسانية، وبالسهولة عينها يجدون طريق الخلاص والقداسة إذ يسير أمامهم مثل والديهم وصلاتهم المشتركة” (دستور راعوي في دور الكنيسة في عالم اليوم رقم 48). وهكذا يعطي كل منهما ذاته للآخر. هذا العطاء في المفهوم المسيحي عطاء كلي وإلى الأبد ولا يمكن أن ينحل. إنه رباط مبني على عهد حب بين الاثنين. ذلك يعني أنهما مرتبطان مهما كلفهما ذلك من ثمن وتضحية، والتزام واهتمام بالآخر؛ وأعظم اهتمام هو أن يحاول كل منهما أن يساعد الآخر على أن يتحلى بالاستعداد المستمر نحو الآخر وعلى أن يصبح أكثر في الطيبة وأغنى في القيم وأعمق في عيش الإنجيل وأقدس في الحياة. وإذا ما أثمر هذا الحب المقدس بولادة البنين يعمل الوالدان كل ما في وسعهما لأجل أولادهما، من خلال النصح والصلاة والمحبة والمثل، وكل ما يلزم لكي ينمو أبنائهما بالمحبة والانفتاح على الآخرين، فبالغنى وبالقيم يصبحون رجالاً ومسيحيين ومؤمنين وقديسين. وهكذا تُصبح كل العائلة بمختلف أفرادها كنيسة صغيرة. لربما يقول البعض هذا خيال! مستحيل! كلا إنه أمر ممكن ولكن على الزوجين أن يتكلا الإضافة إلى اتكالهما على الإرادة الطيبة وحسن النية على نعمة السر الذي من خلاله يرافق يسوع الزوجين في مسيرتهما الزوجية والعائلية كما رافق من قبلهما تلميذي عماوس. رابعاً: ماذا نستطيع أن نعمل خلال سنة الأسرة؟ السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا أستطيع أنا كفرد وماذا نستطيع نحن كمجوعة أن نعمل معاً ضمن العائلة- الرعية- الحركات الرسولية- المدرسة؟ نحن بحاجة إلى مبادرات ملتزمة وهادفة. إذا كنا فعلاً أعضاء حيويين في الكنيسة وإذا كنا نحب كنيستنا ورعيتنا يتحتم علينا أن نبادر لن الحب خلاق ومبتكر. وهذه السنة تحفزنا وتستثير غيرتنا الرسولية… إنها لخسارة كبيرة لكنيستنا ولرعيتنا ولعائلاتنا أن تمر السنة وكأن شيئاً لم يحدث. ماذا نستطيع أن نفعل؟ عليكم أن تقدموا مبادراتكم وتلتزموا بها. ومن جانبنا نقدم بعض الاقتراحات لاكتشاف ما هو أنسب لعائلتكم. 

1- المشاركة الفعلية الملتزمة: في كل ما تنظمه الرعية أو الإيبارشية خلال سنة الأسرة الدولية… هنالك برنامج ومخطط عمل يجب أن يُجهز خصيصاً لهذه السنة ويتضمن نشاطات متعددة على مستوى الرعية وعلى مستوى الإيبارشية. 

2- لجان أسرية في مختلف الرعايا: هناك لجنة على مستوى الإيبارشية وحان الوقت بمناسبة سنة الأسرة تأسيس لجان على مستوى كل رعية. وإذا كانت الرعية تستوعب ذلك فلا مانع أن يكون هناك أكثر من لجنة في الرعية: على سبيل المثال واحدة على مستوى العائلات الشابة وأخرى للعائلات المتبقية.

 3- الصلاة المشتركة في البيت والكنيسة: لا شك أن العائلة التي تصلي متحدة تعيش متحدة… إنه واجب على الوالدين أن يعطوا مجالاً للصلاة مع أفراد الأسرة في البيت وكذلك للمشاركة في قداس الأحد والاحتفال بالأسرار المقدسة. ومن المناسب جداً تكريس الأسرة للعائلة المقدسة والعيش على مثالها وممارسة الفضائل التي عاشتها. 

4- المشاركة في حياة الكنيسة والرعية: إن الشعور بالانتماء إلى الكنيسة الذي تبنيه الأسرة في نفوس أولادها لهو واجب مقدس وأساسي في حياة الطفل الحاضرة والمستقبلية وعلاقته بالكنيسة حيث أن الأسرة هي المدخل الطبيعي لاندماج الطفل في الجماعة الكنسية. فبقدر ما تشارك الأسرة في اجتماعات الكنيسة بقدر ما يتأثر الطفل سلبياً أو إيجابياً وفقاً لطبيعة اجتماعاتها: هل هي نفعية أم مجانية؟ هل هي لحب الظهور أم لخدمة الله والقريب؟ 

5- الاهتمام بتربية الأبناء: إن تربية الأبناء هي حق للوالدين فعلى عاتقهم تقع مسئولية التربية الإنسانية والاجتماعية والروحية. والتربية حياة وليست إسماع نصائح وإرشادات. إنها مشاركة في الحياة يعيش فيها الجميع القيم المسيحية الصحيحة. لذا فإن أنجح أساليب التربية هي تلك المبنية على أساس النموذج والمثال المعطى من قِبَل الوالدين وخلق الجو المناسب. من هنا أيضاً أهمية اختيار المدرسة المناسبة دينياً وأخلاقياً وفيما يخص تربية الإيمان، على الوالدين التركيز على القيمة الأولى في الحياة أي الله تعالى فوق كل شيء ومن ثم التفرغ لسائر الواجبات والأعمال. 

6- الاحتفال بالمناسبات العائلية على مستوى ديني وروحي: من الضروري جداً إعطاء الاحتفالات العائلية صبغة روحية فلا تتوقف على الناحية الاجتماعية دون غيرها. فحبذا لو اشترك على سبيل المثال أفراد الأسرة جميعاً في القداس الإلهي بمناسبة مرور سنوات معينة على ذكرى زواج الوالدين وانتهاز المناسبة لتجديد الوعود والالتزامات الأسرية التي تمت يوم الاحتفال بسر الزواج المقدس. حبذا لو اشترك أفراد الأسرة معاً في رياضة روحية أو في زيارة خاصة للأماكن المقدسة. 

7- النضوج في التعامل: كوننا بشر فنحن نختلف في الشخصية والأمزجة، ولابد أن يحدث هناك احتكاك في التعامل ولابد للشرارة الكهربائية من الانطلاق أحياناً. لذلك فالزواج المسيحي يتطلب التحلي بالصبر والحكمة والفطنة ضمن أمور أخرى.