أشرق النور على الأبرار – الأب وليم سيدهم
أشرق الفرح والنور على الأبرار بمناسبة عيد الميلاد المجيد، لقد غطت الظلمة الأرض ولم يعُد الفقراء في زمن المسيح ينتظرون شيئًا من هيرودس الملك أو من كبار الكتبة والفريسيين أو كبار الارستقراطيين من الصدوقيين عملاء الإستعمار الرومانى.
تعلق فقراء اليهود منذ ألفي عامًا بما جاء في الأنبياء من وعود بمجيء مخلص يرعى شعب إسرائيل بالعدل والقسطاس لقد كتب الأنبياء عن راعٍ عظيم سيولد اسمه “عمانوئيل” أى “الله معنا” سيجبر المكسورة ويضمد جُرح المجروحة ويرعى الجوعانة في مراعٍ خصيبة ويوفر الماء للعطشانة.
إن ملامح هذا المخلص رسمها اشعياء النبي في كتابه وارميا وزكريا وتنبئوا بأن هذا المخلص سيأتي من “بيت لحم” وأنت يا بيت لحم، أرض يهوذا لست أصغر ولايات يهوذا فمنك يخرج الوالي الذي يرعى شعبي إسرائيل (متى 2 :6)، ولما تم الزمان حبلت مريم من الروح القدس بعد أن قالت: “أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك” (لو 1 : 38) فقد شاء القدوس أن يرفعها فوق نساء العالمين، ويجعلها فخرًا لبنات جنسها وسلطانة على السماء والأرض جزاءً لقبولها التعاون مع الثالوث المقدس لينزل الروح ويحل عليها “ويدعى ابن الله” لقد كانت مريم واسمها يعنى ”القادرة” باللغة العبرية، فتاة فقيرة مملوءة بالإيمان والعشق لخالقها.
وتدخل الملاك جبرائيل وهو واحد من تسع رؤساء للملائكة يخدمون الله ويخاطبون من أرسلهم إليه في مهمات خاصة، للمرة الثانية في ستة أشهر مريم الفتاة الطيبة “فرحي، أيتها الـممتلئة نعمة، الرب معك” (لو 1 :28) وقبلها ظهر جبرائيل إلى زكريا الكاهن في الهيكل ليبشره بمجيء يوحنا المعمدان، ومعنى “جبرائيل” باللغة العبرية “قوة الله”، وكشف جبرائيل لمريم السر المكنون الذي انتظرته الاجيال وهو أن الله إبتكر طريقة جديدة وعبقرية يخاطب بها البشر فبعد أن كلم الشعب عن طريق الأنبياء جاء هذه المرة ليكلمهم عن طريق “الابن” وهو لقب فريد إختصه الله بيسوع المسيح.
ونحن اليوم إذ نحتفل بذكرى ميلاد السيد المسيح وولادته العجيبة فإننا نمتلئ فرحًا لشعاع المجد والنور الذى يبدد ظلمة عالمنا فنترك وراءنا كل الندبات والجروحات والآلامات التى صادفتنا ومازالت تعوق مسيرتنا نحو النور. ونفتح قلوبنا كما فتحت مريم قلبها وإحشاءها لعمل الروح القدس فأعطتنا يسوع “الله يخلص” أو عمانوئيل “الله معنا”. ونستقبل في أحشاءنا البلسم الذي يشفينا ويضمد جروحنا ويجدد فينا طاقات الخير الكامنة في أعماقنا. ويفتح آذاننا لنسمع كلمات الحياة انت ابني ،لا تخف، انتى بنتى، لا تخافي، انتم نور العالم، انتم ملح الارض، أنتم اصدقائي، لا اسميكم عبيدًا بعد اليوم، لن تبكوا بعد اليوم، لن تنسحقوا امام جبروت اى إنسان، لأني أنا الرب خالق السماء والأرض، وانتم غنم رعيتى، تدوسون الحيات والعقارب ولا يضركم شيء وإن اضطهدوكم فلا تفجعوا فقد قهرت الموت بصليبى ولم يعد له شوكة فمن يأكل جسدى ويشرب دمي أقيمه في اليوم الأخير فلنفرح ونتهلل لأنه ولد لنا مخلص واسمه عمانوئيل الله معنا اليوم والى ابد الدهور.