صمت الإنسان / رضا نادى شمعون
صمــــــــت الإنســــــــان
عندما نتكلم عن الإنسان .. ذلك المخلوق الفريد .. نتذكر بسرعة مميزاته وصفاته الإلهية والإنسانية .. فعاش الإنسان فريداً ومنفرداً .. فريداً حيث هو على صورة الله ومثاله .. ومنفرداً حيث شعوره الدائم بالغربة والحرمان .. حيث انه يفقد وجوده كعضو وسط جماعة .. أصبح كآلة تحرك بمحرك, ونسى انه فعال ووجوده يترك بصمة على الجماعة.
وهذا الكائن الحيّ الذي هو الإنسان لغز احتار فيه العلماء والفلاسفة واللاهوتيون وكل اصحاب الفكر.. ولم يسبروا غوره لانه عالم خاص لايمكن ايضاحه وفك الغازه, إلاّ من خلال جابله
وتطور الإنسان بفكره حتى غزا الفضاء وربط ما هو مستحيل بالمحقق, وسعى لنمو ذاته ولكنه ضاع وسط العلم وظهور الآلهة.. والمذاهب الفلسفية الاخرى.
فمنهم من نعته بانه إله, وآخرون بانه عبد في قبضة الإله الذي يسيطر عليه, ومنهم من جعل وجوده موافق لوجود الإله .. ولكن ما زادني حيرة هو صمت الإنسان امام تلك المزيدات والإغراءات !! ..
وعندما ننظر إلى الإنسان نجده ارتفع بما صنعه وضاع وشرد عن اعظم ميزة ألاّ وهي الأخلاق .. تاهت القيم العلي .. حفر لذاته آبار عميقة لدفنه. أضحى السلوك الإنساني حيواني .. فلا تجد هناك معيار ولا حساب ولانظام ولامحبة ولااخوة .. والآن هل لدينا الشجاعة كي نتحرر من صمتنا ؟ .. نواجه بالمنطق والموضوعية الواقع الذي نعيش فيه .. باعدين عن الأحلام والتوافه انها دعوة للغوص في الأعماق بلا خوف ولا تردد .. فالمأساة هي مأساة هوية ضلت في خضًّم الأيام .. أين هويتنا ؟ .. إلى اين نحن متجهون ؟ .. ما هو هدف وجودنا ؟ .. كيف نحل مأساتنا ونتحرر من صمتنا المرير ؟ .. كيف نشعر بعذوبة الحياة والتضامن مع الآخرين ؟ ..
انها دعوة للعمل المبني على التعاون الجماعي لكي نصبح إنسانيين وذو قيمة في الحياة