الإرادة
بنفسِ الطَّريقة التي بها يُوجد شَوْقٌ حِسِّيٌّ، لا بُدَّ لنا من الإقرار بِوجودِ «شوقٍ» عقليٍّ. كعادتِنا، سَتَجري دراستُنا من الظَّاهرة إلى الأساس.
1- وصفٌ الفِعل الإراديّ
إنَّ الفِعلَ الإراديَّ الكامل يَتكوَّن من اثنتَيْ عَشْرةَ خُطوةً أو وقتًا. هناك تَفاعُلٌ متبادَلٌ مستمِرٌّ بين العَقل والإرادة، كما أنَّ هناك «نتيجةً» تَتَرَتَّب على كلِّ وقتٍ وتَظهَر في التّالي. نقدّم هنا جَدْولاً بَيانِيًّا لِتلك المراحل:
العقل الإرادة
أفعالٌ
تُجاهَ الهدف 1- إدراكٌ بسيطٌ للخير
Simplex apprehensio boni
3- حُكمٌ يَقترح هدفًا
Iudicium proponens finem 2- رغبةٌ بسيطةٌ في الخير
Simplex volitio boni
4- نِيَّةٌ تَقصُدُ الهدف
Intentio finis
أفعالٌ
تُجاهَ الوسائل 5- اِستشارةٌ لاقتراحِ وسيلة
Consilium proponens media
7- استشارةٌ لتَقييم الوسيلة
Consilium discretivum mediorum 6- قَبولٌ
Consensus
8- اِختيارٌ
Electio
أفعالٌ
تُجاهَ التَّنفيذ 9- أَمْرٌ
Imperium
11- اِستخدامٌ انفعاليّ
Usus passivus 10- اِستخدامٌ عاملٌ
Usus activus
12- اِجتناءُ الفائدة
Fruitio
نقطة الانطلاق هي تَصَوُّرٌ لشيءٍ ما على أنَّه مُشتَهًى، أيْ الإدراكُ البسيط للخير (1). يلي ذلك، في الإرادة، تَيَقُّظُ الاستِحسان بدون سابقِ تفكيرٍ (إنذارٍ) (2)، بطريقةٍ عَفْوِيَّة وضَروريَّة: أيْ رغبةٌ نوعيَّةٌ عامَّةٌ في الخير الوارِد، أيْ النُّزوع إليه (velleità). ثمَّ يَفحص العقلُ بدقَّةٍ أكبر ويرى أنَّ الموضوع قابلٌ للبُلوغ إليه، فيقترحُهُ كهدفٍ (3): فلو كان لا يَجِدُهُ قابِلاً للبلوغ إليه، لَتَوَقَّفَت العَمليّة بأسْرِها عند هذه النقطة. رَدُّ فعل الإرادة يكون بنِيَّةٍ تَقْصُدُ البلوغ إلى الخير (4). بالتالي، وباستشارةِ (النَّفْس) (5)، يقوم العقل ببحثٍ و «انتخابٍ» للوسائل المُتاحة للبلوغ إلى الهدف: فلو لم تُوجد وسائلُ مُتاحةٌ، لَتَوَقَّفَتْ العملية عند هذه النقطة. الإرادة تَقْبَلُ الوسائلَ مَبدئيًّا (6). لكنْ من الممكن أنْ لا تَقبلَ الإرادة الوسائلَ فتتراجع، وبالتالي تتوقَّف عند نقطة القَصْد. مَثَلاً: إذا قال شخصٌ ما: «كنت أقصُدُ بلوغَ الكمالِ المسيحيّ، لكنَّ طريقَ الفضيلة مُمِلٌّ ومُتْعِبٌ لدرجة أنّي تَخَلَّيْتُ عن مقصدي». وفي الحالات التي يكون لها وسيلةٌ واحدةٌ، يَتِمُّ تَخَطِّي الخَطْوَتين التَّاليتين. وإنْ وُجِدَتْ أكثر مِن وسيلةٍ، فلا بُدَّ من إجراءِ إدخال عمليَّة الاستشارة (7) التي تُمثِّل توجيهًا لأجل التقييم، حيثُ تُفحَص الوسائل المتاحة لمعرفة أيًّا منها قد تكون أكثر تَوْصيلاً. يَعود إلى الإرادة أنْ تَتَّخذ قرارًا بين الوسائل بواسطة الاختيار (8). يلي ذلك الأمرُ (9)، الذي يتمثَّل في التَّوَقُّع والتنظيم، أيْ ترتيب سلسلة الأعمال الملموسة التي يجب تنفيذُها. فتُحَرِّك الإرادة مَلَكات القُدرة الأُخرى:
ذلك هو الاستخدام العامِل (10) الذي تقوم به الإرادة مع مَلَكات القُدرة الأخرى. يكون الإنجاز نتيجةً لذلك، أيْ ما يُسَمَّى بالاستخدام الانفعاليّ (11): أيْ أنَّ مَلَكات القدرة تَنْشَطُ تحت تأثير الإرادة. وإنْ سارت الأمور على ما يُرام، يَتِمّ بلوغُ الموضوع، فنَنالُ الاستمتاع، أيْ اجتناءُ الفائدة (12).
لأجل المزيد من التَّوضيحات، نُشيرُ بالرُّجوع إلى ما سيُقال عن الحُرِّيَّة.