« وقال: أين وضعتموه ؟ » – القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم

القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 – 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة
العظة 63

« وقال: أين وضعتموه ؟ »

“وقال: أين وضعتموه؟” كلامه هذا لا يعني أنّه كان يجهل المكان الذي دُفن فيه لعازر، بل أراد أن يمتحن إيمان ذلك الشعب. لم يكن يريد أن يُبرز نفسه، بل أراد أن يلتزم بما قاله الآخرون، وألاّ يفعل شيئًا إلاّ استجابة لطلبهم، فلا يترك لهم أيّ مجال للشكّ. وسؤال المخلّص هذا هو كالرمز لدعوتنا التي تجري في السرّ، لأنّ معرفة مصير دعوتنا أمر مجهول، والدليل على سريّته هو ذلك السؤال الذي طرحه الربّ عن هذا الموضوع وكأنّ لا علم له به، في حين أنّنا نحن مَن نجهله.

أو ربّما لأنّ الربّ أعلن في مكان آخر أنّه لا يعرف هويّة الخطأة الذين يتوجّه إليهم بالقول: “ما عرفتكم قطّ” (مت 7: 25) لأنّهم يرتكبون الخطايا بعيدًا عن الشريعة وتعاليمها: “قالوا له: يا ربّ تعالَ فانظُر”. حينها، لم يكن قد اجترح أيّ معجزة قيامة بعد؛ لذا، بدا لهم أنّه متوجّه نحو قبر لعازر ليبكيه لا ليقيمه من الموت. ولهذا قالوا له: “تعالَ وانظر”. الربّ شديد الرحمة، ومن أجل ذلك قال صاحب المزامير: “أُنظُرْ إِلى بُؤسي وعَنائي واْمْحُ كُلَّ آثامي” (مز25[24]: 18).